عنوان الفتوى : لا يجوز وصف عالم بالفسق لمجرد رأي فقهي خلافي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،هل يجوز القول عن عالم ما يصدر فتوى بتحليل ما أحرم الله مثل كشف الوجه وتحليل الغناء بأنه فاسق أم يعتبر هذا من اجتهاده وماذا يجب علينا تجاه فتواه؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا شك أن تحريم ما أحل الله تعالى أو تحليل ما حرم أمر منكر، ومن كبائر الذنوب التي حذرنا الله تعالى منها، حيث يقول جل وعلا: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ (النحل: من الآية116) فمن حرم حلالاً أو أحل حراماً مقطوعاً بتحريمه أو بتحليله فقد ارتكب إثماً عظيماً وشرع للناس ما لم يأذن به الله، واستحق أن يوصف بالفسق والظلم والكفر..
ولهذا كان السلف الصالح -رضوان الله عليهم- يتوقفون طويلاً عندما يصل الأمر إلى التحريم والتحليل، وكانوا يتحرجون ويحذرون من كلمة حرام أو حلال، إلا ما ورد فيه نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة.
وكثيراً ما نجد في تعبيرهم عن الأمور الاجتهادية: لا ينبغي أو لا أحب أو أكره..
ومن هذا الباب المسائل الفرعية التي تحتمل الإباحة والحرمة والكراهة.
ولهذا فلا يجوز وصف عالم بالفسق لمجرد رأي فقهي في مسألة فرعية يرى أن الصواب فيها كذا بناء على معطيات شرعية معتبرة، وخاصة إذا كانت هذه المسألة من المسائل الخلافية التي كثرت فيها الأقوال وتباينت حولها الآراء قديما وحديثاً مثل: كشف الوجه واليدين..
فقد نُقل الاختلاف عن السلف الصالح من الصحابة والتابعية والأئمة الكبار في مثل هذه المسائل، ولم يتهم أحد منهم الآخر، ولم يفسقه، لأن هذا النوع من الاختلاف هو من الاختلاف السائغ الذي له حظ من النظر.
وقد حذر العلماء من الوقوع في أعراض الناس عموماً وفي أعراض العلماء خصوصاً، وذلك لما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التنفير من الوقوع في أعراض الناس، فقد نقل النووي عن ابن عساكر قوله: اعلم وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة، وسنة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (النور:63).
والذي ينبغي أن تكون عليه في مثل هذه المسائل أن تتحرى الراجح فتأخذ به، وتدع المرجوح ولا تذم القائل به، ولا تتهمه أو تقع في عرضه، وكِلْ نيته إلى الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى.
وبإمكانك -أخي الكريم- أن تطلع على التحقيق في المسائل التي أشرت إليها مدعوماً بالأدلة وأقوال العلماء وترجيح الصواب إن شاء الله تعالى على موقعنا هذا.
والله أعلم.