عنوان الفتوى : حكم وضع دم القنفذ على أنف المرأة لتلد ذكرا
تعتقد بعض النساء في بلدنا ممن لم ترزق بمولود ذكر أنها إذا ذبحت قنفذا فأخذت بعضا من دمه ثم وضعته على أنفها فإنها تنجب في المرة المقبلة مولودا ذكرا، فما حكم هذا الفعل؟وهل يدخل في الشرك أم لا ؟
الحمد لله.
أولا: حكم استعمال دم القنفذ ووضعه على الأنف لتلد المرأة ذكراً .
استعمال دم القنفذ ، ووضعه على الأنف لتلد المرأة ذكرا- بزعمهم- : منكر ظاهر، وهو شرك بالله تعالى؛ لأنه جعل ما ليس سبباً سببا، فلا علاقة بين دم القنفذ والولادة، فضلا عن تخصيص الولادة بالذكر، وهذا من باب التعليق الفاسد بالرقى والتمائم.
عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ قَالَتْ: قُلْتُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا ذَاكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا " رواه أبو داود (3883) وغيره ، وصححه الألباني.
وينظر جواب السؤال رقم : (10543) .
فهذا اعتقاد فاسد، وعمل فاسد كذلك، يخشى على صاحبته منه .
فإن اعتقدت أن هذا الدم مؤثر بذاته فهذا شرك أكبر، وإن اعتقدت أن الدم سبب، فهذا شرك أصغر، لأن الأسباب إما أن تثبت بالشرع، وإما أن تثبت بالعلم التجريبي كتأثير الدواء في العلاج، وهذا الدم خارج عن الأمرين.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه، فهو مشرك شركاً أصغر، لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسببٍ سبباً فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سبباً.
وطريق العلم بأن الشيء سبب، إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل (فيه شفاء للناس) النحل/69، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال الله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين الإسراء/82.
وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً، كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً، فهذا سبب ظاهر بيّن. وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به، وهو لم يكن مباشراً، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن للانفعال النفسي للشيء أثراً بيناً، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقاً شرعياً لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقاً للتشريع " انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد" (1/ 165).
ثانيا: دم القنفذ نجس
القنفذ محرم الأكل في مذهب الحنفية والحنابلة؛ لأنه مستخبث.
وعلى فرض أنه سيذبح، فإن دمه نجس، وهذا وجه آخر للتحريم، وهو استعمال النجاسة في البدن، بل في أشرف مواضع البدن وهو الوجه ، والغالب أن الداعي لذلك هم السحرة الذين يتقربون إلى الجن بالنجاسات.
قال في "منار السبيل" : "وقنقذ ونيص" نص عليه [يعني الإمام أحمد] ، لحديث أبي هريرة ذكر القنفذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: "هو خبيثة من الخبائث" رواه أبو داود. والنيص مثله، لأنه يقال: هو عظيم القنافذ" انتهى.
والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".
وينظر: "بدائع الصنائع" (5/ 144)، "الموسوعة الفقهية" (5/ 144).
فالواجب الحذر من الوقوع في هذا الشرك، والتوكل على الله تعالى، وبذل الأسباب المشروعة كالتداوي.
وينظر جواب السؤال رقم : (209745)، ورقم : (180492).
والله أعلم.