عنوان الفتوى : يغضب ولا يكلم والديه ولا يصطلح معهما
لي أخ عندما يغضب منَّا لا يكلِّم أحداً قط حتى والديه ، وهو أشد مخاصمة لوالديه لاعتقاده بأن معظم أفعالهما خاطئة ، وعندما يتكلمان معه لكي يصالحاه لا يصطلح ، ولا أدرى كيف نصنع معه ، فقد حدث هذا الأمر كثيراً ، وكان يرضى بصلح والديه له بعد عناء كبير ، أما هذه المرة فلا يريد صلحاً ، فكيف نصنع وقد نفد صبرنا عليه وأنا أخوه الأكبر ؟ .
الحمد لله.
أولاً :
حق الوالدين حق عظيم ، وقد قرن الله عز وجل قرن حق الوالدين بحقه في آيات كثيرة ، مثل قوله عز وجل : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا النساء / 36 ، وقوله عز وجل : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا الإسراء / 23 ، وقوله سبحانه : ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير لقمان / 14 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهذه الآيات تدل على وجوب برهما ، والإحسان إليهما وشكرهما على إحسانهما إلى الولد من حين وجد في بطن أمه إلى أن استقل بنفسه وعرف مصالحه ، وبرهما يشمل الإنفاق عليهما عند الحاجة ، والسمع والطاعة لهما في المعروف ، وخفض الجناح لهما ، وعدم رفع الصوت عليهما ، ومخاطبتهما بالكلام الطيب والأسلوب الحسن ، كما قال الله عز وجل في سورة بني إسرائيل : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً . واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً الإسراء / 23 ، 24 ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة على وقتها ، قيل : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قيل : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله " ، وقال صلى الله عليه وسلم : رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد خرجه الترمذي 1821 ، وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ولفظ الطبراني ( في رضا الوالدين ) ، والأحاديث في وجوب برهما والإحسان إليهما كثيرة جدا .
وضد البر : هو العقوق لهما ، وذلك من أكبر الكبائر ؛ لما ثبت في الصحيحين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ - ثلاثاً – قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين ، وكان متكئاً فجلس ، فقال : ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " رواه البخاري ( 2654 ) ومسلم ( 126 ) ، وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من الكبائر شتم الرجل والديه ، قيل : يا رسول وهل يسب الرجل والديه ؟ قال : نعم ، يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه " رواه البخاري 5973 ومسلم 130 ، فجعل صلى الله عليه وسلم التسبب في سب الوالدين سبّاً لهما ، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية ببر الوالدين ، والإحسان إليهما ، ولا سيما عند الكبر والحاجة إلى العطف والبر والخدمة ، مع الحذر كل الحذر من عقوقهما والإساءة إليهما بقول أو عمل . ا.هـ من كلام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 306 ، 307 ) .
ثانياً :
ذكروا أخاكم بالله وخوفوه عذابه ، وبينوا له نصوص الوعيد على من عق والديه ومنزلة البر في الإسلام حتى تقوم عليه الحجة وتبرأ ذمتكم أمام الله ، ويجب أن يعلم أنه آثم بعمله القبيح مع والديه واقع فيما حرمه الله عليه ، ومع ذلك لا تيأسوا من هدايته ولا تملوا من السعي في الإصلاح بين أخيكم ووالديه .. ، فإن عجزتم عن ذلك : فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
واحرصوا على تنويع طرق توصيل النصيحة لأخيكم فتارة باسماعه شريطاً مؤثراً وتارة بإهدائه كتاباً نافعاً سهلاً عن هذا الأمر ، وعليكم بتذكيره بما يمكن أن يعاقبه الله تعالى بأولاده وأنهم قد يفعلون معه كما يفعل مع والديه الآن ، وهكذا ...
ثم إن من طرق العلاج أن تفتشوا في الأسباب التي تدعوه لمثل هذا التصرف ثم السعي في حلها ، فقد تبين أن هناك مشكلات نفسية وخاصة لكثيرين من العاقين لوالديهم كتأخر الزواج ، أو وجود المنكرات في بيوتهم كانت سبباً في عقوقهم ... الخ .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |