عنوان الفتوى : يعانون من سوء سلوك والدهم
أبي طيب القلب وعطوف ، ولكنه كثير الكلام لدرجة توقعه وتوقعنا معه في المشاكل ؛ بسبب الغيبة والنميمة ، ، منذ عدة سنوات توفى أحد جيراننا ، وكان قد اقترض من أبى بعض المال فإذا بأبي يتكلم عن ذلك أمام الناس وفضحه ، حتى تكلم الناس إلى أهل هذا الجار حتى يردوا إلى أبى المال ، فحزن الجيران ، وغضبوا من أبي إلى أن حصل شجار شديد ، كاد أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه لولا حماية الله لنا ، حتى إنه تحدث بنفس المشكلة مع أحد المتقدمين لخطبة بنت جارانا رحمه الله مما أدى لإفساد الزيجة وأدى هذا إلى انقطاع المودة بيننا وبين جيراننا ، وتركوا المبنى الذى كنا فيه. وكذلك أخبر بعض زملائه في عمله بمشاكل أخرى بسبب لسانه وتتبعه لأخطاء ومشاكل الآخرين التي لا تخصه ، وكثيرا ما يطلق بصره من نافذة المنزل ، ومرة شك في بنت أحد الجيران أنها تخلو بأجنبي في شقتها، فأخبر بذلك أحدى قريباتها ، ففضحها ، واشتعلت مشكلة وشجار آخر مع ذلك الجار ، وكادت تصل إلى مشاكل كبيرة لولا فضل الله وستره ، ومع كل مشكلة أسرتنا كلها تضرر ، وأمي تدخل في انهيار نفسي ، وتحطم وحزن على زوجها ، وخوف علينا ، كما بدا الجيران يكرهوننا كلنا لفعل أبي ، فكيف الحل ؟ وكيف أخاطب أبي ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الذي نرى لكم، بخصوص هذه المعضلة، أن تنصحوا والدكم بحكمة ورفق، وتبينوا له سوء ذلك الخلق، وعاقبة ما يفعل ويقول، وما أصابكم من البلاء بسببها، وما يصيب الناس حولكم من الضرر والأذى .
وأن تبينوا له خطر اللسان، وهو لا شك على دراية بشيء من ذلك.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (236399) ، ورقم : (9410) ، ورقم : (291186) .
واجتهدوا في أن تنصحوه بحكمة ورفق، كأن تقتنوا شيئا من المواد الدعوية كالكتب التي تتحدث عن ذنب النميمة والغيبة والتجسس والتحذير منها فتضعونها في البيت بحيث يراها، فلعله يطالعها ويقتدي بما يذكر فيها، أو تدعوا أحيانا إلى مجالس البيت بعض من يحترمه والدكم كإمام المسجد الذي يصلي فيه أو بعض أصدقائه، فيتعرضون في وسط كلامهم إلى بيان قبح التجسس والغيبة وخطورتهما.
وإذا أمكن أن تشغلوا والدكم بشيء نافع، علم يقبل عليه، كتب، مجلات، عمل دنيوي، تجاري، أو نحو ذلك من الأعمال التي تنفعه، وتشغله أيضا، عن التفرغ للأحاديث، والقيل والقال.
إننا نقدر لكم ما تواجهونه من معاناة، في التعامل مع تلك الخصال، وما يترتب عليها من مشكلات، لكن لا يظهر لنا وسيلة عملية، متاحة في التعامل مع الوالد، سوى المحاولة معه، والاجتهاد، في تقليل الآثار السلبية لتلك الخصال التي تحكونها عن الوالد، وتضييق فرص تأثيرها فيمن حولكم من الناس، ومحاولة تلافي ما يمكن من هذه الآثار، بالاعتذار للجيران، إذا أصابهم من سلوكه شيء .
واستعينوا بالله، على ما يصيبكم من البلاء، واصبروا، وأكثروا من الدعاء لوالدكم، أن يصلحه، ويحسن خلقه، ويكفيه شر نفسه، ويكفي من حوله: شر لسانه، وغائلة ما يفعل.
ثانيا :
مما ينبغي التنبيه عليه، أن ما عليه والدك لا يسقط حقه في البر والإحسان إليه.
ومن أعظم أبواب البر، الدعاء له، بأن تتداركه رحمة الله تعالى فيتوب توبة نصوحا مما هو فيه، وأن يغفر الله تعالى له.
قال الله تعالى: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا الإسراء/24.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا ) أي: في كبرهما وعند وفاتهما " انتهى من "تفسير ابن كثير" (5 / 64).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ رواه ابن ماجه (3660) وحسّنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4 / 129).
ولمزيد الفائدة طالع الجواب رقم : (52891) ، ورقم : (122178).
ونسأل الله العظيم أن يكشف همكم ويصلح والدكم.
والله أعلم.