عنوان الفتوى : ماذا يلزم مَن وجد خاتمًا من ذهب وباعه ولم يعرِّفه؟
وجدت امرأة دبلة من ذهب في مكان ترمى فيه القاذورات التي تأتي من قريتها، ومن قرى أخرى مجاورة، ولم تعلم أنها من ذهب فأخذتها، ولبستها، ولما علمت بعد ذلك أنها من الذهب باعتها، وكان ثمنها 600 جنيه مصري، وهي محتفظة بالمبلغ منذ سنوات، وتسأل الآن ماذا تفعل به؟ وهل تتصدق به؟ أم تعطيه لزوجها؛ لأنه طلبه منها؟ ولو جاز التصدق به، فهل يجوز أن تعطيه لأختها المريضة بالتخلف العقلي -أحسن الله إليكم-؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على تلك المرأة أن تعرف هذه الدبلة مدة سنة في المكان الذي التقطتها فيه، وإذ لم تفعل بل باعتها فقد أثمت بذلك، والواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، ويسقط تعريف تلك اللقطة بمضي الحول عند كثير من العلماء؛ لأن الظاهر أن صاحب تلك اللقطة ييأس منها بعد الحول، فلا يطلبها، قال ابن قدامة: إذا أخّر التعريف عن الحول الأول مع إمكانه أثم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، والأمر يقتضي الوجوب، وقال في حديث عياض بن حمار: لا تكتم، ولا تغيب ـ ولأن ذلك وسيلة إلى أن لا يعرفها صاحبها، فإن الظاهر أنه بعد الحول ييأس منها، ويسلو عنها، ويترك طلبها .انتهى.
وقال في كشاف القناع: ولو أخّر الملتقط التعريف عن الحول الأول أثم، وسقط، أو أخره بعضه، أي بعض الحول الأول أثم الملتقط بتأخيره، أي التعريف؛ لوجوبه على الفور كما تقدم، وسقط التعريف؛ لأن حكمة التعريف بعد لا تحصل بعد الحول الأول، فإذا تركه في بعض الحول عرف بقيته فقط، كما يأثم بالتقاطه بنية تملكه، أو بالتقاط ما لم يرد تعريفه، وتقدم ولا يملكها ـ أي اللقطة ـ إذا لم يعرفها في الحول الأول بالتعريف بعد الحول الأول؛ لأن شرط الملك التعريف فيه ولم يوجد، وهل يتصدق بها، أو يحبسها عنده أبدًا؟ على روايتين. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فالواجب على تلك المرأة التوبة ـ كما ذكرنا ـ وإذا أمكنها معرفة صاحب ذلك الخاتم فعليها إيصال قيمته إليه، وإلا فعليها أن تتصدق بقيمة تلك اللقطة في وجوه البر بأن تجعل قيمتها في مصالح المسلمين، أو تدفعها للفقراء والمساكين.
فإن كان زوجها، أو أختها من الفقراء جاز لها الدفع إلى أحدهما، أو قسمة تلك القيمة بينهما، ولا تدفع المال إلى أختها، ولكن إلى وليها، ومن يتولى القيام عليها.
والله أعلم.