عنوان الفتوى : ذم الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم
هل في هذه القصيدة شيء من المغالاة، لأنني عندما سمعتها شعرت بأنها أقرب لكلام الصوفية المغالين في المدح لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قمرٌ سيدنا النبي، قمر قمر سيدنا النبي، قمر وجميل وجميل سيدنا النبي وجميل، كحيل الطرف أدعج لو تراه وانجل أشكل يخطف سناي، طويل الهدب للعاشق رماة يرى من خلفة وكذا الأمام، وريق المصطفى يشفي العليلا وعين قتادة خذها دليلا، وبئر الملح أضحت سلسبيلا وصار لصحبة خمر مداما** وصدر المصطفى عرش استواء وعلم الله عما به احتواء*** ولم ينطق نبينا عن هواه بإذن الله ينطقه الكلاما*** وسمعك ليس يحجبه حجابا عزيز العرش تسمع لا عجابا*** وكلك سمع بل أنت الإجابة وحاشا الجمع يحصره المقاما** ولا شعر بإبطيه الشريفة ولا مسك يضاهي في عريفا*** وأبيض قال ناعته طريفا وكم من واصف للوصف هاما*** وراح المصطفى كالورد نادي وعطره يبقى لو مست أيادي** وعم نوالها كل العباد وكل الكون من إمداده قاما** وعرق المصطفى للطيب طيب أو يثرب حولت من طيبه طيبا*** ويسكر عند طلعته الحبيب ولو جن المشاهد لا ملاما** ولا يقع الذباب عليك حاشا ظلام الكفر من نورك تلاشا ضحوك السن شيمتك البشاشا وأغلب ضحك حضرته ابتساما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الجلي أن في هذه الأبيات غلوا وإطراء مذموما لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ـ وهو غني عن ذلك صلى الله عليه وسلم، كمثل قول: وسمعك ليس يحجبه حجابا عزيز العرش تسمع لا عجابا ـ فهذا من الباطل، فالله عز وجل وحده هو الذي أحاط سمعا بكل مسموع، كما قالت عائشة رضي الله عنها: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا في ناحية البيت، تشكو زوجها، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها. أخرجه أحمد، وصححه الحاكم والذهبي.
ونكتفي بهذا المثال على الغلو في هذه الأبيات عن الوقوف عند كل عبارة وتقويمها، فهذا ليس من اختصاص مركز الفتوى، ويشغل عن الإجابة عن الأسئلة الكثيرة التي بين أيدينا، فضلا عن أن كثيرا من عبارات الأبيات غير واضحة، لأنها بلهجة عامية، وقد سبق لنا بيان المشروع والممنوع من المدائح النبوية على صاحبها الصلاة والسلام، في الفتوى رقم: 33989.
وكذلك سبق لنا التحذير من الغلو في هذا الباب، فراجعي الفتويين رقم: 123517، ورقم: 148877.
والله أعلم.