عنوان الفتوى : علاقة حساب اسم الشخص في السعد والنحس.. رؤية شرعية
سماحة المشايخ حفظهم الله تعالى. نفيدكم بأنه قد شاع في بلادنا، اعتقاد بأن اسم الشخص يؤثر في نصيبه في الرزق، والسعد، والنحس وغيره. وذلك بطريق حساب الاسم، وإذا وجد أن نصيب الشخص غير لائق كالفقر، والمرض وغيره، فذهب هذا الشخص إلى المؤهل في الحساب، فأفاد بأنه لا بد من تغيير الاسم، وبعد التغيير يتحسن حاله.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا من الاعتقادات الشركية، والطرق غير الشرعية ... والإنسان يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقاوته، أو سعادته، وهو لا يزال في بطن أمه قبل أن يسمى.
وحقيقة هذه الطريقة المذكورة في السؤال، أنها نوع من أنواع التنجيم القائم على الشرك ـ والعياذ بالله ـ
قال الشيخ حافظ حكمي في (معارج القبول): ومنها ـ أي أنواع التنجيم ـ ما يفعله من يكتب حروف أبي جاد، ويجعل لكل حرف منها قدرا من العدد معلوما، ويجري على ذلك أسماء الآدميين، والأزمنة، والأمكنة وغيرها، ويجمع جمعا معروفا عنده، ويطرح منها طرحا خاصا، ويثبت إثباتا خاصا، وينسبه إلى الأبراج الاثني عشر المعروفة عند أهل الحساب، ثم يحكم على تلك القواعد بالسعود، والنحوس وغيرهما مما يوحيه إليه الشيطان، وكثير منهم يغير الاسم لأجل ذلك، ويفرق بين المرء وزوجه بذلك، ويعتقد أنهم إن جمعهم بيت لا يعيش أحدهم. وقد يتحكم بذلك في الغيب، فيدعي أن هذا يولد له، وهذا لا، وهذا الذكر، وهذا الأنثى، وهذا يكون غنيا، وهذا يكون فقيرا، وهذا يكون شريفا، وهذا وضيعا، وهذا محببا، وهذا مبغضا، كأنه هو الكاتب ذلك للجنين في بطن أمه، لا والله لا يَدريه الملكُ الذي يكتب ذلك حتى يسأل ربه أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ ما الرزق وما الأجل؟ فيقول له فيكتب. وهذا الكاذب المفتري، يدعي علم ما استأثر الله بعلمه، ويدعي أنه يدركه بصناعة اخترقها، وأكاذيب اختلقها، وهذا من أعظم الشرك في الربوبية، ومن صدقه به، واعتقده فيه، كفر والعياذ بالله. اهـ.
وراجع للفائدة الفتويين: 120509، 111790.
وننبه هنا على أن هذا يختلف بالكلية عن التفاؤل بالأسماء الحسنة، والاستئناس بمعاني الأسماء، والتفرس فيها.
قال ابن القيم في (تحفة المودود): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الكراهة لذلك جدا ـ يعني ما تنفر عنه القلوب من الأسماءـ حتى كان يغير الاسم القبيح بالحسن، ويترك النزول في الأرض القبيحة الاسم، والمرور بين الجبلين القبيح اسمهما، وكان يحب الاسم الحسن، والفأل الحسن، وفي الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة: من يحلب هذه؟ فقام رجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ فقال له الرجل: مُرة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس. ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل آخر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ فقال: حرب. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس. ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل، فقال له صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ فقال: يعيش. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: احلب ...
قال أبو عمر ـ يعني ابن عبد البر ـ : هذا من باب الفأل الحسن، لا من باب الطيرة. وعندي فيه وجه آخر، وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه، وقلما يتخلف ذلك، فالألفاظ قوالب للمعاني، والأسماء أقوال المسميات:
وقل إن أبصرت عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه. ...
وهذا باب عجيب من أبواب الدين، وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول، وتنفر منه النفوس إلى الاسم الذي هو أحسن منه، والنفوس إليه أميل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك حتى قال: "لا يقل أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي" ... اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 71291.
والله أعلم.