عنوان الفتوى : حزن عائشة رضي الله عنها يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
ما صحة الحديث الذي جاء في مسند الإمام أحمد وغيره قال : سمعت عائشة تقول : "مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري، وفي دوري؛ ولم أظلم فيه أحداً، فمن سفهى وحداثة سني أن رسول الله قبض وهو في حجري، ثم وضعت رأسه على وسادة ؛ وقمت ألتدم مع النساء، وأضرب وجهي"؟
الحمد لله.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (43/369)، وأبو يعلى الموصلي في "المسند" (8/ 63)، البيهقي في "دلائل النبوة" (7/213)، وغيرهم: عن ابْن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
" مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا فَمِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِي، وَحَدَاثَةِ سِنِّي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فِي حِجْرِي، فَأَخَذْتُ وِسَادَةً، فَوَسَّدْتُهَا رَأْسَهُ، وَوَضَعْتُهُ مِنْ حِجْرِي، ثُمَّ قُمْتُ مَعَ النِّسَاءِ أَبْكِي وألدم".
وإسناده رواته ثقات، وفيه ابن إسحاق، وحديثه حسن إذا صرح بالتحديث لأنه موصوف بالتدليس، وقد صرح هنا بالتحديث.
قال محققو المسند:
" إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أخرج له أصحاب السنن، وهو ثقة " انتهى. "مسند الإمام أحمد" (43/369).
وقد ثبت أصل الحديث في البخاري (1389)، ومسلم (3443)، وغيرهما، واللفظ للبخاري: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ، أَيْنَ أَنَا غَدًا، اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي".
وليس في هذا ما جاء في آخر هذه الرواية : (فمن سفاهة رأيي ..) إلخ .
قال محققو المسند: "قلنا: وقولها: وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي. فيه نكارة ولم نجده إلا في هذه السياقة، والسيدة عائشة زوجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يخفى عليها حديث ابن مسعود مرفوعاً: ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية" وهو حديث صحيح سلف في مسند ابن مسعود برقم (3658)، وقال السندي في تفسيره هناك: ليس منا، أي: ليس من أهل طريقتنا وسنتنا." انتهى من "حاشية المسند"(43/369).
وإذا قدر أن هذه الجملة محفوظة في الحديث؛ فإن أم المؤمنين رضي الله عنها قد بينت بأنه فعل لم ترضه، وأنكرته من نفسها، وبّينت عذرها فيه حيث قالت: "فَمِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِي، وَحَدَاثَةِ سِنِّي"، فقد كانت يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في بداية شبابها.
والمؤمنون المتقون الموعودون بالجنة لا يشترط فيهم العصمة من الأخطاء، وإنما عدم الإصرار على الأخطاء.
قال الله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ آل عمران/133-135.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |