عنوان الفتوى : التشكيك في صلاحية القرآن لكل زمان ومكان كفر أكبر
سؤالي هو: في إحدى الأيام كنت أناقش زميلي في المدرسة ينتقد القرآن والسنة، ثم سألني: هل القرآن صالح لكل زمان ومكان؟ فأجبته بـ: لا. فشعرت أنني أخطأت، لكن الحمد لله لأنني لا أعتقد ذلك، وأنكر أن القرآن صالح لكل زمان ومكان وأشكك فيه، فما حكم هذا؟ وشكرًا لكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تفوهت بكلمة عظيمة، وارتكبت بالنطق بها منكرًا شنيعًا؛ فإن كتاب الله تعالى المنزل قد جعله الله دستورًا لهذه الأمة ومنهجًا لحياة الناس إلى أن تقوم الساعة، ومن اعتقد أنه يسعه الخروج عما في كتاب الله وأنه لا يلزمه العمل به في زمن من الأزمان أو مكان من الأمكنة فقد كفر بالله العظيم؛ قال الله -عز وجل-: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ {المائدة:50}، وقال تعالى: وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا {الكهف:26}، وفي قراءة ابن عامر من السبعة: وَلَا تشْرِك فِي حُكْمِهِ أَحَدًا، وقال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65}. وقد كمل الله هذا الدين كما قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {المائدة:3}. فمن ادعى أن فيه نقصًا أو عدم صلاحية للحكم بين الناس وتنظيم شؤونهم فقد كذب القرآن، وتكذيب القرآن كفر -والعياذ بالله-؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله-: ولا عَدْلَ أَقْوَمُ من عدل الله -عز وجل- في شريعته. ففي الشرائع السابقة كانت كل شريعة تناسب حال الأمم زمانًا ومكانًا وحالًا، وبعد بعثة الرسول -عليه الصلاة والسلام- أصبحت شريعته تناسب الأمة التي بُعِثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها مِن أول بعثته إلى نهاية الدنيا. ولِهذا كان من العبارات المعروفة: أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان وحال، ولو تمسك الناس به لأصلح الله الخلق. انتهى.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من هذه الكلمة العظيمة الشنيعة المنكرة التي تفوهت بها، وليس عذرًا لك كونك نطقت بها مع عدم اعتقاد مدلولها إذا لم تكن مكرهًا.
والله أعلم.