عنوان الفتوى : أحكام السفر بالطائرة قبل دخول وقت الجمعة
سأسافر للعمرة قريبًا، ولي أكثر من سؤال يتعلق بهذا: 1- تقلع الطائرة يوم الجمعة 12:30، وموعد أذان الظهر يكون 11:50، وأحاول تغيير الموعد، وغالبًا لن أستطيع، فماذا أفعل؟ حيث الصعود إلى الطائرة يكون قبلها بفترة، ولدي تأنيب ضمير على ضياع الجمعة، ويقول لي قريب: الجمعة الفرض والعمرة سنة، خاصة وأنك أديتها قبل ذلك. 2- ستكون أمي معي، فهل أترك الرمل في الطواف والسعي حتى أكون معها (وهي كبيرة في السن)؟ 3- الحلق هل يشترط أن يكون بالموسى حتى أكون حالقًا أم يكفي درجة الصفر بالماكينة حتى أنال فضيلة الحلق؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كان المطار خارج البلد بحيث تعتبر شارعًا في السفر إن خرجت إليه فلا إشكال في خروجك قبل دخول وقت الجمعة؛ فتخرج وتعتبر قد شرعت في السفر قبل الزوال ولم تلزمك الجمعة، والسفر قبل الزوال يوم الجمعة مختلف في جوازه بين أهل العلم بين قائل بالجواز وبالكراهة وبالتحريم، والمفتى به عندنا: الجواز، والأحوط تركه، كما بيّنّاه في الفتوى رقم: 93509، والفتوى رقم: 115301، والفتوى رقم: 144407.
وأما إن كان المطار داخل البلدة ولا تعتبر شارعًا في السفر إن خرجت إليه: فإن الأصل عدم جواز السفر بعد الزوال يوم الجمعة؛ جاء في الموسوعة الفقهية:
اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى حُرْمَةِ إِنْشَاءِ السَّفَرِ بَعْدَ الزَّوَال -وَهُوَ أَوَّل وَقْتِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ- مِنَ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إِذَا كَانَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لاَ يُدْرِكُ أَدَاءَهَا فِي مِصْرٍ آخَرَ، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ فَهُوَ آثِمٌ -عَلَى الرَّاجِحِ- مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ ... اهـ.
فإن أمكنك أن تسافر في غير هذا الوقت فذاك، وإن تعذر وكنت قد دفعت ثمن التذكرة وخشيت إن تخلفت عن الرحلة أن يضيع عليك مالك فنرجو أن لا حرج عليك في السفر والتخلف عن الجمعة حينئذ، وقد ذكر أهل العلم أن من أعذار التخلف عن الجمعة الخوف على ضياع المال؛ قال صاحب كشاف القناع -وهو يعدد أعذار التخلف عن الجمعة والجماعة-: أَوْ خَائِفٌ مِنْ ضِيَاعِ مَالِهِ، كَغَلَّةٍ فِي بَيَادِرِهَا، وَدَوَابّ وَأَنْعَامٍ لَا حَافِظَ لَهَا غَيْرُهُ وَنَحْوِهِ أَوْ) خَائِفٍ مِنْ (تَلَفِهِ كَخُبْزٍ فِي تَنُّورٍ وَطَبِيخٍ عَلَى نَارٍ وَنَحْوِهِ ... اهـ.
وأما الرمل في الطواف والسعي: فإنهما سنة مستحبة وليسا واجبين، فلا حرج على من تركهما ولو لغير حاجة، وأولى تركهما لأجل مرافقة الوالدة الكبيرة في السن وعدم تركها وحدها، بل ربما كان هذا أولى من تركها وحدها وسبقها بالرمل في الطواف أو الجري في السعي.
وأما استعمال ماكينة الحلاقة هل يعتبر حلقًا أم تقصيرًا؟ فإن من العلماء من اعتبرها تقصيرًا وليس حلقًا، كما هو قول الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-؛ فقد قال في الشرح المتتع وهو يتحدث عن الحلق: ويحلق جميع الشعر وذلك بالموسى وليس بالماكينة حتى ولو كانت على أدنى درجة، فإن ذلك لا يعتبر حلقًا، فالحلق لا بد أن يكون بموسى ... اهـ.
واعتبرها في مجموع فتاواه آلة للتقصير؛ فقال: والتقصير هو الأخذ من الشعر جميعه، وأفضل ما يكون في التقصير أن يستعمل الماكينة؛ لأنها تعم الرأس كله، وإن كان يجوز أن يقصر بالمقص، لكن بشرط أن يمر على جميع الرأس ... اهـ.
ومن أهل العلم من اعتبرها داخلة في الحلق لا التقصير؛ فقد قال الشيخ/ الألباني -رحمه الله تعالى- كما في سلسلة الهدى والنور: إذا كانت الماكينة نمرة صفر فهو حلق، أما إن كانت نمرة واحد أو ثلاثة فهذا قص وليس بحلق ... اهـ.
والله تعالى أعلم.