عنوان الفتوى : الأفعال لا تثنى ولا تجمع
قال تعالى في سورة فصلت (26) : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ، لما لم يقل تعالى عز وجل : ( وقالوا ) وتكررت في آيات كثيرة ، فآمل تفسير هذا الأمر .
الحمد لله :
أولًا:
"من المعروف في العربية، أن الفعل يجب إفراده دائمًا، حتى وإن كان فاعله مثنى أو مجموعًا، أي أنه لا تتصل به علامة تثنية ولا علامة جمع، للدلالة على تثنية الفاعل أو جمعه، فيقال مثلا: "قام الرجل" و"قام الرجلان" و"قام الرجال"، بإفراد الفعل: "قام" دائما؛ إذ لا يقال في الفصحى مثلا: "قاما الرجلان" ولا "قاموا الرجال".
تلك هي القاعدة المطردة في العربية الفصحى، شعرا ونثرا. أما قبيلة طيئ، فقد روي لنا عنها أنها كانت تلحق الفعل علامة تثنية للفاعل المثنى، وعلامة جمع للفاعل المجموع. وتُعرف هذه الظاهرة عند النحاة العرب، بلغة "أكلوني البراغيث" ".
يقول ابن السراج: " اعلم: أن الأفعال لا تثنى ولا تجمع ، وذلك لأنها أجناس كمصادرها، ألا ترى أنك تقول: بلغني ضربكم زيدًا كثيرًا، وجلوسكم إلى زيد قليلًا ، كان الضربُ والجلوس قليلًا أو كثيرًا، وإنما يثنى الفاعل في الفعل ... " انتهى من " الأصول في النحو"(1/ 172).
وقال ابن هشام رحمه الله : " وَلَا تلْحقهُ عَلامَة تَثْنِيَة وَلَا جمع وشذ نَحْو أكلوني البراغيث" .
ثم قال في شرحه : " الحكم الْخَامِس : إن عاملهما لَا تلْحقهُ عَلامَة تَثْنِيَة وَلَا جمع فِي الْأَمر الْغَالِب بل تَقول قَامَ أَخَوَاك وَقَامَ إخْوَتك وَقَامَ نسوتك كَمَا تَقول قَامَ أَخُوك وَمن الْعَرَب من يلْحق عَلَامَات دَالَّة على ذَلِك كَمَا يلْحق الْجَمِيع عَلامَة دَالَّة على التَّأْنِيث كَقَوْلِه
(تولى قتال المارقين بِنَفسِهِ ... وَقد أسلماه مبعد وحميم)
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ وَقَول بعض الْعَرَب أكلوني البراغيث .." انتهى "شرح شذور الذهب" (214، 227-228) .
وجاء أيضا في "معجم القواعد العربية" (459) ـ الشاملة ـ :
" تَوحِيدُ فِعله مع تَثنِيةِ الفَاعِلِ وجَمعِه:
يُوَحَّدُ الفعلِ مع تَثنِيَةِ الفَاعِلِ وجَمعِه كما يُوحِّدُ مع إفرادِه نحو "زَحَفَ الجيشُ" و "تصَالَحَ الأَخَوَانِ" و "فازَ السَّابِقُون" و "تعَلَّم بناتُكَ" ومِثلُه "أَزَاحِفٌ الجَيشُ" و "أفَائِزٌ السَّابِقُون" و "أمُتَعَلِّم بَنَاتُكَ". ولُغَةُ تَوحِيدِ الفِعلِ هي الفُصحى وبها جاءَ التنزيلُ، قال تعالى: قالَ رجُلانِ (الآية "23" من سورة المائدة "5") و قالَ الظَّالِمُونَ (الآية "8" من سورة الفرقان "25") و قالَ نِسوةٌ (الآية "30" من سورة يوسف "12") .
ولُغةُ طَيئٍ وأَزد شَنوءة (وهي المشهورة بلغة "أكلوني البراغيث" كما في سيبويه) : مُوَافَقَةُ الفِعل لِمرْفُوعِهِ بالإِفرادِ والتَّثنية والجمع نحو ضَرَبُوني قَوْمُكَ و {ضَرَبتَنِي نِسوَتُكَ" و "ضرَبَانِي أخَوَاكَ" وقال أمَيَّةُ:
يَلُومُونَني في اشتِراءِالنَّخِيـ ... ـلِ أهلِي فَكُلُّهُمُ أَلوَمُ
("أهلي" فاعل يلومونني، فألحق الفعل علامة الجمع مع أنه مسند إلى الظاهر) .
وقال أبو فِراس الحمداني:
نُتِجَ الرَّبِيعُ مَحَاسِناً ... أَلقَحنَهَا غُرُّ السَّحائِبْ
(غر جمع "غراء" مؤنث أغر بمعنى أبيض، وهي فاعل "ألقحنها" وألحق به علامة جمع المؤنث وهي النون) .انتهى .
وعلى كل حال : فهذا أمر يعرفه كل من درس شيئا في علم النحو ، ولو المبتدئ فيه ، لا يحتاج إلى زيادة في النقل ، بل يكفي أن يراجع السائل فيه أي كتاب في علم النحو ، وسوف يفهم قاعدة الباب في ذلك ، إن شاء الله .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |