عنوان الفتوى : عادة طلبة العلم طلب الإجازة من المشايخ
هل عادة الطلاب طلب الإجازة من شيخهم؟ أم ينتظرون الشيخ حتى يعطيها من تلقاء نفسه؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعادة الطلاب سؤال المشايخ الإجازة، قال الخطيب في الجامع: فمن فاته شيء كان يؤثر سماعه وحال بينه وبين إعادته تعسر راويه وامتناعه، فليتوصل إلى استجازته وإذن الراوي له في روايته، فإن الإجازة منزلة للسماع تالية يعد هو الأولى وهي الثانية. انتهى.
وجاء في تدريب الراوي ممزوجا بالتقريب: فرع: قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي: الإجازة في كلام العرب مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث، يقال منه استجزته فأجازني إذا أسقاك ماء لماشيتك وأرضك، قال كذلك طالب العلم يستجيز العالم أي يسأله أن يجيزه علمه، فيجيزه إياه. انتهى.
وعلى هذا جرت طريقة العلماء، جاء في إجازة الشمني للسلاوي:.. فإن الفقيه الأجل العالم العامل الخطيب البليغ، الفاضل المتفنن سليل العلماء، وأوحد الفضلاء، أبا سعيد ـ ولد القاضي العدل الفقيه العالم العلم أبي محمد عبد الله بن أبي سعيد السلاوي شرح الله صدره لأنواره، ووالى عليه ورود معارفه وأسراره ـ سألني أن أجيزه، وأجيز ولده الذي ظهرت عليه أمارات السعادة، وتحققت لديه لوائح الإفادة، النجيب أبا عبد الله محمد، وصل الله بطلب العلم كلفه، وجعله خلفاً صالحاً يتبع.... فأجبته إلى ذلك رجاء ثواب الله الجزيل... انتهى.
وجاء في إجازة مفتي الشافعية الغزي لابن الدباغ: ... والتمس مني أن أجيزه بمروياتي، وأبيح له رواية مقروءاتي ومسموعاتي، فقدمت في ذلك رجلاً وأخرت أخرى، ثم رأيت امتثال أمره أولى، وقبول إشارته أحرى، فأجبته إلى ما التمس من ذلك، مستمداً الفتح من القدير المالك... انتهى.
ولم تزل هذه عادة أهل العلم حتى عصرنا، يسألهم الطلاب الإجازة فيجيزونهم، ولا ينبغي أن يكون هم الإنسان تحصيل الإجازة دون ضبط ما استجاز فيه نطقا، والعمل بما فيه، أخرج الخطيب في الكفاية بإسناده عن أبي عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ, قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ, قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السِّمَّرِيُّ:
أَتَانِي أُنَاسٌ يَسْأَلُونَ إِجَازَةً ... كِتَابَ الْمَعَانِي وَالْعَجُولُ مُغَفَّلُ
فَقُلْتُ لَهُمْ فِيهِ مِنَ النَّحْوِ غَامِضٌ ... وَهَمْزٌ وَإِدْغَامٌ خَفِيُّ وَمُشْكِلُ
وَمَا فِيهِ جَمْعُ السَّاكِنَيْنِ كِلَيْهِمَا ... وَنَبْرٌ إِلَيْهِ قَدْ يُشَارُ وَيُنْقَلُ
وَلَا يُؤْمَنُ التَّحْرِيفُ فِيهِ لِطُولِهِ ... وَتَصْحِيفُ أَشْبَاهٍ بِأُخْرَى تُبَدَّلُ
فَأَكْرَهُ فِيمَا قَدْ سَأَلْتُمْ غُرُورَكُمْ ... وَلَسْتُ بِمَا عِنْدِي مِنَ الْعِلْمِ أَبْخَلُ
فَمَنْ يَرْوِهِ فَلْيَرْوِهِ بِصَوَابِهِ ... كَمَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ فَالصِّدْقُ أَجْمَلُ. انتهى.
والله أعلم.