عنوان الفتوى : حكم قول الخطيب: (أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم) بين الخطبتين
في خطبة الجمعة جرت العادة أن يفصل الخطيب بين الخطبتين بقوله: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله ـ فهل هذا القول من السنة؟ وهل معنى: فيا فوز المستغفرين استغفروا الله: استغفروا الله أيها الناس، فيا لفوز المستغفرين؟ وما هو المشروع فعله للمستمعين للخطبة بعد قول الإمام هذا؟ أو ما هي السنة في حق المستمعين؟ وهل هو الاستغفار بأي صيغة مع التوجه للقبلة بعد أن أكون متوجها للخطيب أم ماذا؟. أرجو شرح هذه الأحكام بإسهاب، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى: يا فوز المستغفرين أي يا سعادتهم، وهو حث للمستمعين على الاستغفار، وتعجب من كثرة أجره، وهذا اللفظ لم يرد في السنة ـ حسب علمنا ـ ولكن استغفار الخطيب لنفسه وللمصلين وحثهم على ذلك في نهاية خطبة الجمعة أمر مشروع، فقد نص كثير من أهل العلم على استحباب ختم الخطبة بالاستغفار، قال ابن القيم في زاد المعاد في هدي خير العباد: وَكَانَ يَخْتِمُ خُطْبَتَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ. اهـ
وجاء في الحطاب عند قول خليل المالكي في المختصر عاطفا على مستحبات الخطبة: وَخَتْمُ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأَجْزَأَ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُسْتَحَبُّ بَدْؤُهَا بِالْحَمْدِ وَخَتْمُهَا بِأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. اهـ
وجاء في المجموع للنووي: يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْتِمَ خُطْبَتَهُ بِقَوْلِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. اهـ
وقد وردت في ذلك بعض الأحاديث، لكن أهل العلم تكلموا في سندها، وانظر الفتوى رقم: 188151.
والمشروع للمستمع أن يدعو بين الخطبتين بما أحب، أو يذكر الله تعالى بأي ذكر شاء، وأن يستقبل القبلة بدعائه، لأن هذا الوقت وقت إجابة للدعاء، كما قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في فتاوى نور على الدرب إجابة على سؤال: هل هناك دعاء معين وارد أو ذكر معين يقوله المصلي بين خطبتي الجمعة؟ وهل ورد أن خطيب الجمعة يدعو بين الخطبتين أم لا؟ قال: ليس هناك ذكر مخصوص أو دعاء مخصوص، لكن يدعو الإنسان بما أحب، وذلك لأن هذا الوقت وقت إجابة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: أن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ـ وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى أنها: ما بين خروج الإمام يعني دخوله المسجد إلى أن تقضى الصلاة ـ فهذا الوقت وقت إجابة، فينبغي للإنسان أن يستغل الفرصة بالدعاء بين الخطبتين بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وكذلك يقال بالنسبة للإمام إنه يدعو بين الخطبتين لكن دعاءً سريا بما يريده من أمر الدنيا والآخرة...
والله أعلم.