عنوان الفتوى : الألوان المستحبة والمكروهة والمحرمة في ثياب الرجال والنساء
ما هي الألوان المستحبة والمكروهة والمحرمة في ثياب الرجال والنساء ؟.
الحمد لله.
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد لنا من تقرير أمر مهم وهو أن الأصل في ألوان اللباس الذي يلبسه الرجال والنساء الإباحة إلا إذا ورد النص الشرعي بالنهي عن لون معين بالنسبة للرجل أو المرأة . وقد جاءت نصوص الشريعة بلبس ألوان معينة وبالنهي عن ألوان معينة فمن ذلك ما يلي :
اللون الأسود : عن أم خالد بنت خالد أنها قالت : أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال : من ترون أن نكسو هذه ؟ فسكت القوم . فقال ائتُوني بأم خالد فأتي بها تُحمل فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال : أبلي وأخلقي . وكان فيها علم أخضر أو أصفر فقال يا أم خالد هذا سناه ، وسناه بالحبشية . رواه البخاري
ومعنى أبلي وأخلقي هو دعاء بطول البقاء للمخاطب أي : أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلَق .
وعن جابر رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء . رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : صنعت لرسول الله بردة سوداء فلبسها فلما عرق فيها وجد ريح الصوف فقذفها وكانت تعجبه الريح الطيبة . رواه أبو داود وقال الحاكم (4/188) : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي . وقال الشيخ الألباني في الصحيحة (5/168رقم 2136) : وهو كما قالا. وبوب عليه أبو داود في سننه باب في السواد . وقال صاحب عون المعبود (11/126) : والحديث يدل على مشروعية لبس السواد وأنه لا كراهة فيه .ا.هـ.
فاللون الأسود مباح للنساء والرجال على حد سواء . ومن البدع الباطلة المتعلّقة بهذا اللون : تعمّد لبسه عند المصائب وفيه تشبّه بالنّصارى أيضا ، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (فتاوى إسلامية 3/313) : لبس السواد عند المصائب شعار باطل لا أصل له والإنسان عند المصيبة ينبغي أن يفعل ما جاء به الشرع فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها . لأنه إذا قال ذلك بإيمان واحتساب فإن الله يأجره على ذلك ويبدله بخير منها .ا.هـ. وقال أيضا : تخصيص لباس معين للتعزية من البدع فيما نرى ولأنه قد ينبئ عن تسخط الإنسان على قدر الله ...ا.هـ.
اللون الأبيض : عن أبي ذر رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ …الحديث. رواه البخاري في صحيحه وقال : باب الثياب البيض .
وروى البخاري عن سعد قال : رأيت بشمال النبي صلى الله عليه وسلم ويمينه رجلين عليهما ثياب بيض يوم أحد ما رأيتهما قبل ولا بعد .
وهذان الرجلان هما جبريل وميكائيل كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر في الفتح (10/295) .
واللون الأبيض من الثياب التي يستحب أن يلبسها الأحياء ويكفن فيه الأموات كما جاء في حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الْبسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم " رواه ابوداود والترمذي وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص82) . وكذلك يستحب البياض في ثياب الإحرام للرجل وهي إزار ورداء .
اللون الأخضر : عن أبي رمثة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُردان أخضران . رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب ورواه النسائي 5224
اللون الأحمر: لقد جاء النهي عن لبس اللون الأحمر الخالص بالنسبة للرجال دون النساء لحديث ابن عمر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المفدّم " رواه الإمام أحمد وابن ماجة 3591
والمفدّم : هو المشبع بالعصفر ، وفي حاشية السندي على سنن النسائي : المفدم : المشبع بالحمرة .
وعن عمر أنه كان إذا رأى على الرجل ثوبا معصفرا جذبه وقال : " دعوا هذا للنساء " أخرجه الطبري .
وعن عبد الله بن عمرو قال : " مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والبزار وقال : لا نعلمه إلا بهذا الإسناد , وفيه أبو يحيى القتات مختلف فيه ,
وقيل في السبب عن النهي عن لبس الأحمر للرجال أقوال منها :
ـ من أجل أنه لبس الكفار
ـ من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء
ـ من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك
والمنع مخصص بالثوب الذي يصبغ كله بالحمرة وأما ما كان فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا ، وعلى ذلك تحمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء كحديث الْبَرَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ . رواه البخاري 5400 فإن الحلل اليمانية غالبا تكون ذات خطوط حمر وغيرها . وليست حمراء خالصة .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في لبس ( النبي صلى الله عليه وسلم ) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ .
والحلة : إزار ورداء .. وغلط من ظنّ أنها كانت حمراء بحتا لا يُخالطها غيره وإنما الحلّة الحمراء : بُردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية .. وإلا فالأحمر البحت منهي عنه أشدّ النهي ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر الحمر ، .. وفي جواز لبس الأحمر من الثياب والجوخ وغيرها نظر . وأمّا كراهته فشديدة جدا .. زاد المعاد 1/139 ، والله تعالى أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |