عنوان الفتوى : الجمع بين حديث دنو الشمس من رؤوس الناس يوم القيامة وحديث أنهم يكونون في ظلمة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت يومًا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن في يوم القيامة تكون الشمس قريبة منّا، ثم تعرّضتُ لحديث آخر له -صلى الله عليه وسلم- بأن في يوم القيامة نكون كلنا في ظلمة. فكيف نوفق بين هذين الحديثين؟ وجزاكم الله خيرًا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالجمع بين ذلك أن الشمس تدنو من الناس في الموقف، ثم بعد مفارقتهم مكان الموقف يكونون في الظلمة التي هي دون الصراط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية: فَيَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، وَتَدْنُو مِنْهُمْ الشَّمْسُ، وَيُلْجِمُهُمْ الْعَرَقُ، وَتُنْصَبُ الْمَوَازِينُ؛ فَتُوزَنُ فِيهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}. وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ -وَهِيَ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ-؛ فَآخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكُلَّ إنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}. وَيُحَاسِبُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ، وَيَخْلُو بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ؛ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، كَمَا وُصِفَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَأَمَّا الْكُفَّارُ: فَلَا يُحَاسَبُونَ مُحَاسَبَةَ مَنْ تُوزَنُ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ؛ فَإِنَّهُ لَا حَسَنَاتِ لَهُمْ، وَلَكِنْ تُعَدُّ أَعْمَالُهُمْ وَتُحْصَى، فَيُوقَفُونَ عَلَيْهَا، وَيُقَرَّرُونَ بِهَا، وَيُجْزَوْنَ بِهَا. وَفِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ: الْحَوْضُ الْمَوْرُودُ لِمُحَمَّدِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ، آنِيَتُهُ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ، طُولُهُ شَهْرٌ وَعَرْضُهُ شَهْرٌ، مَنْ يَشْرَبُ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا. وَالصِّرَاطُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ -وَهُوَ الْجِسْرُ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ-؛ يَمُرُّ النَّاسُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَرُكَّابِ الْإِبِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْدُو عَدْوًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي مَشْيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْطَفُ فَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ؛ فَإِنَّ الْجِسْرَ عَلَيْهِ كَلَالِيبُ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمَنْ مَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. انتهى.
وقال ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية: ثُمَّ يَنْتَهِي النَّاسُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ مَكَانَ الْمَوْقِفِ إِلَى الظُّلْمَةِ الَّتِي دُونَ الصِّرَاطِ -وَهُوَ جِسْرٌ عَلَى جَهَنَّمَ- كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ: "هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ". انتهى.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
الأدلة على بعث الأجساد في الآخرة بعينها
صفة بعث الإنسان وإعادة خلقه يوم القيامة
لا تعارض بين أحداث المحشر وكون أرواح المؤمنين تتنعم في الجنة قبله
أعمار الناس وأحوالهم عند البعث
صفة نشأة الخلق بعد البعث
هل الأعضاء المبتورة تبعث مع صاحبها يوم القيامة؟
كيف ينتقل الناس من الأرض إلى الصراط؟
الأدلة على بعث الأجساد في الآخرة بعينها
صفة بعث الإنسان وإعادة خلقه يوم القيامة
لا تعارض بين أحداث المحشر وكون أرواح المؤمنين تتنعم في الجنة قبله
أعمار الناس وأحوالهم عند البعث
صفة نشأة الخلق بعد البعث
هل الأعضاء المبتورة تبعث مع صاحبها يوم القيامة؟
كيف ينتقل الناس من الأرض إلى الصراط؟