عنوان الفتوى : حكم رفض المرأة الخطاب لمرضها النفسي
شكرًا لكم على هذا الموقع. سؤالي حول الاستخارة: في الحقيقة تقدم لي إنسان للزواج، ولكن لم أجبه لأني مريضة، ولا أستطيع الزواج وتكوين عائلة، وعندما سمع الناس بتقدمه لي جاءتني نساء عازبات، وقلن لي: إنه لا يصلح كزوج؛ لأنه زير نساء. فصليت الاستخارة مرات كثيرة، وحصلت مشاكل بيني وبينه (هذا الإنسان لم أكن أعرفه، وعرفته عندما تقدم لي)، وفكرت مليًّا في الأمر، وأجبته بأني لست موافقة، وعندها أصر أن يعرف السبب، فقلت له: مرضي (هو مرض روحي). وأجابني أنه لا يريد التخلي عني، وأنه سيقف بجانبي حتي يشفيني الله، وهو يريدني زوجة له في الدنيا والآخرة (على حد قوله)، ولكن أنا أصررت أن يبحث عن زوجة أخرى؛ لأني لا أصلح لتكوين أسرة بمرض مثل مرضي، والله وحده يعلم إن كان رجلًا صالحًا أم زير نساء كما قالت النساء. ولكن أشعر أني ظلمته بإجابتي لأنه لا يريد الزواج بأخرى، وما زال يطمع في أن أغير موقفي. علمًا أنه تقدم لي منذ عامين. سؤالي هو: هل بإجابتي له أكون قد ظلمته؟ خاصة وإني صليت الاستخارة، ولم أحصل على أي إشارة غير الأخبار التي تنقلها لي النساء كل دقيقة بأنه زير نساء. أرجوكم هل تصرفي في محله؟ أنا لم أرد أن أظلمه معي؛ لأن مرضي متعب جدًّا، ولم أرد أن يتعذب معي، فهذا قدَري وحدي، ولا أريد أن يتعذب أحد بسببي. وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا تقدم رجل لخطبة امرأة فينبغي أولًا أن تسأل عنه من يعرفه من الثقات الناصحين ممن يعرفون حاله، روى مسلم أن فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن معاوية بن أبى سفيان وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد». فإن لم يذكروا عنه حسن دين وخلق فلتعرض عنه، وإن أثنوا عليه خيرًا فلتستخر الله في أمره.
وحقيقة الاستخارة تفويض الأمر إلى الله، ومن أعظم نتائجها التيسير إلى الأمر من عدمه، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 26834. وأما مجرد ما ذكرت من كلام النساء أو حصول مشاكل بينك وبينه فقد لا يكون علامة للاستخارة.
فعلى هذا الأساس ينبغي أن يكون تعاملك في أمر زواج هذا الشاب منك. وعلى كل تقدير؛ فلست ملزمة بالموافقة على زواجه منك، فلو أنك رفضته ولو لغير مسوغ شرعي لم تكوني ظالمة له، وإن تبين أنه صاحب دين وخلق فحري بك الموافقة. ولا حرج عليك في الزواج به مع مرضك، وقد أخبرتِه بحقيقة الأمر فرضي ذلك ولم يتراجع عن طلبه.
وننبه هنا إلى أنه لا يجوز وصف المسلم بأمر معيب من غير بينة، فالأصل حمل أمره على السلامة حتى يتبين خلافها. وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 19659.
والله أعلم.