عنوان الفتوى : رياض المسك لمن صان سمعه عن مزمار الشيطان
أبلغ من العمر 17 عاماً مطيعة لله تعالى ورسوله ما استطعت ولا أسمع الأغاني وأريد سماعها بشدة فهل أسمعها مع موازنتي لأمور ديني أم أثبت على ما أنا عليها أفيدوني أفادكم الله...؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاثبتي -أختي السائلة- على دينك ودعي عنك استماع الغناء المفسد للدين والأخلاق، قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه القيم إغاثة اللهفان: ومن مكايد عدو الله -أي إبليس- ومصايده التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القرآن ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى.... انتهى
واستماع الغناء المصحوب بالموسيقى حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين وحكى الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء، وللتفصيل انظري فتوى رقم: 5282
واعلمي -وفقك الله- أن الله قد حذرنا من استماع الغناء، فقال الله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [لقمان:6].
قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما لهو الحديث: الغناء.
وهذه الآية إحدى الآيات الثلاث التي استدل بها العلماء على حرمة الغناء والمنع منه، والآية الثانية هي قوله تعالى: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ* وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [النجم:59-61].
قال ابن عباس: السمود: الغناء بالحميرية، اسمدي لنا أي غني لنا. والآية الثالثة قوله تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [الإسراء:64].
قال الإمام مجاهد: الغناء والمزامير.
وأوصيك بقراءة القرآن، ففي ذلك ما يغنيك عن الغناء المحرم، وقد أحسن من قال:
حب الكتاب وحب ألحان الغنا ===== في قلب عبد ليس يجتمعان .
وقد روى ابن وهب عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر: إن الله يقول يوم القيامة: أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان، أدخلوهم في رياض المسك، ثم يقول للملائكة: أسمعوهم حمدي وشكري وثنائي عليهم، وأخبروهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأسأل الله أن يثبتنا وإياك وأن يعصمنا من الزلل.
والله أعلم.