عنوان الفتوى : نصيحة وتوجيه لمن يرفض أن تتحجب زوجته لاعتبارات اجتماعية وغير ذلك
أريد توجيه نصيحة للزوج الذي يرفض أن تتحجب زوجته حجابا صحيحا؛ بحجة أن وضعه الاجتماعي لا يسمح بأن تتحجب زوجته حجابا صحيحا! أو يخاف من نظرة أهله له باحتقار، وأن يصفوه بالتطرف! أو بحجة أنه لا يريد لأحد أن يفرض رأيه عليه، وأنه يريد زوجته وفقا لمزاجه الشخصي، وليس لشيء آخر! أو لأنه رجل ديمقراطي: لا يريد فرض شيء على زوجته، ولكن يترك لها الحرية الشخصية، لتختار ما تشاء! وغير ذلك.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجماع هذا الأمر يقوم على أمرين: حقيقة علاقة المرء بربه، ثم على علمه بأحكام دينه. فالأول نعني به: إيثار المرء لطاعة الله على شهوة نفسه وهواه! وهذا لا يوفق فيه للحق إلا من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وكان مؤثرا لأخراه على دنياه.
والناس في ذلك درجات وأحوال؛ فلينظر المرء في حقيقة حاله، وهل الله تعالى أحب إليه من نفسه ومن الدنيا بما فيها ومن فيها؟ وهل الآخرة آثر عنده من الأولى؟ فيكون بذلك إيمانه بالله وباليوم الآخر تامًّا غير منقوص، بما يتيسر به القيام بحق الله تعالى، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. أم أن إيمانه بالله واليوم الآخر ضعيف منقوص؛ لا يقوى على رفع صاحبه من حضيض طبعه، وأسر هواه، وغلبة العرف والعادة والإلف!
فهذا هو الاعتبار الأول، والأصل الذي يبني عليه غيره.
ثم الأمر الثاني: وهو العلم بأحكام الدين. فقد يترك المرء شريعة أو شعيرة من الدين بسبب الجهل أو الشبهة، فيحتاج إلى من يبين له حكمها، ويزيل ما علق بها عنده من أوهام وتزييف؛ حتى يعلم أنها من أمر الله تعالى ومحابِّه ومراضيه، وأن تركها مما يغضبه ويسخطه، ويعرض صاحبه لعقابه وعذابه.
فهذان هما الأصلان اللذان يدور عليهما حال المرء من الموافقة والمخالفة، أو الطاعة والمعصية، أو الحسنة والسيئة: العلم بالله ، والعلم بأحكام الله. فمتى اجتمعا حصلت الطاعة.
وعلى ذلك؛ فكل من يسعى لوجود الخير ونفي الشر، فلا بد له من السعي لبناء هذين الأصلين. وكذلك الحال مع مثل هذا الزوج المذكور في السؤال، يكون الكلام معه ابتداء في ما يخص الإيمان بالله واليوم الآخر، بما يعني تقديم طاعة الله على كل شيء، وإيثار الآخرة على الدنيا. وإدراك حياطة العبودية لله رب العالمين لجميع مظاهر الحياة، كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].
ثم بعد ذلك يأتي الكلام على معنى الحجاب وحكمه، بناء على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة. وهذا يمكن الرجوع فيه إلى الفتوى رقم: 116942. وراجع في الأصل الأول الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19569، 38814، 140885، 10800. وراجع في من لا يلتزم بالأحكام الشرعية بحجة الحرية الشخصية الفتويين: 105732، 211501. وراجع في الديمقراطية الفتوى رقم: 172845.
والله أعلم.