عنوان الفتوى : ترتيب سور القرآن وكيفية حفظ الأسماء الحسنى والمقصود بصلاة الشفع
- كيف نزلت سور القرآن بالترتيب؟ ولماذا هي بهذا الترتيب؟ وما سبب نزول كل واحدة باختصار؟ أفيدوني ولكم الأجر. - من حفظ أسماء الله دخل الجنة، فهل إذا حفظتها دون ترتيب (عشوائيا) ينقص الأجر أم يشترط الترتيب؟ - هناك من يقول: إنه لا توجد صلاة اسمها صلاة الشفع وصلاة الوتر؛ بل كلها صلاة الوتر، فحين أصلي ركعتين أسلم، وبعدها ركعة واحدة، فماذا أقول؟ هل أجمعهما بالاسم الواحد صلاة الوتر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه أسئلة متعددة ومتشعبة، وتحتاج إجاباتها الوافية المستقصية إلى بحث مستقل، لذلك سنقتصر على ما يسمح به المقام، ونحيل السائل على بعض المراجع التي قد تفيده فيما يسأل عنه، وقد آثرنا أن تكون الإجابة وفق النقاط التالية:
1- تقول: كيف نزلت سور القرآن بالترتيب؟ ولماذا هي بهذا الترتيب؟ وما سبب نزول كل واحدة باختصار؟
ولعلك تقصد السؤال عن ترتيب السور بحسب نزولها، والجواب -باختصار-: أن أول السور نزولًا على الإجمال هي السور المكية، وأولها على الإطلاق صدر سورة العلق على الصحيح، ثم المدثر والمزمل .. إلخ، وآخر السور نزولًا سورة النصر، وقيل غير ذلك؛ جاء في شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: "وأول ما نزل عليه من القرآن: صدر سورة العلق، ثم المدثر والمزمل. وقيل: أول ما نزل المدثر. وقيل: فاتحة الكتاب. والأول هو الصحيح؛ لما ورد في الحديث الصحيح عن عائشة في حديثها الطويل في ابتداء الوحي .... وأما آخر ما نزل: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، وقيل: آية الربا التي في البقرة، وقيل: الآية قبلها". اهـ.
- أما عن ترتيب بقية السور بالتفصيل، وكذلك أسباب نزول كل سورة: فنعتذر عن التعرض له لعدم اتساع المقام للكلام عنه في الفتوى، ونحيل السائل لبعض الكتب المتخصصة فيه؛ علّه يجد فيها بغيته، ومن هذه الكتب: كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، والبرهان للزركشي، وأسباب النزول للواحدي.
علما بأنه ليس لكل سورة سبب نزول معروف، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36334.
- أما قولك: ولماذا هي بهذا الترتيب؟ فقد أجاب عنه الشيخ/ ابن عثيمين بقوله: هذا صادر عن اجتهاد من الصحابة -رضي الله عنهم-، لا أعرف لذلك سببًا إلا أنه صدر عن اجتهاد منهم؛ فإما أن يكون بتوقيف من الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وإما أن يكون عن اجتهاد مجرد؛ لأن سور القرآن ترتيب بعضها توقيفي من الشارع من النبي -عليه الصلاة والسلام- كما كان يقرأ -مثلًا- سورة سبح والغاشية في صلاة الجمعة، وكما كان يقرأ بسورة الجمعة والمنافقون، فمثل هذا رتبه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه أشياء اجتهادية من الصحابة -رضى الله عنهم- في ترتيب السور، ومع ذلك لا نستطيع أن نجزم بالحكمة، إنما يبدو لنا أن السور المتجانسة في الطول والقصر والموضوع تجدها مرتبة بعضها مع بعض، والسور الأخرى المخالفة تجدها مرتبة بعضها مع بعض أيضاً، فمثلًا: السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف؛ تجدها متسلسلة، وتجد السور القصيرة وهو ما يسمى بالمفصل تجدها أيضًا متسلسلة. اهـ.
وراجع -لمزيد الفائدة- الفتويين التاليتين: 9138، 80961.
2- حفظ الأسماء الحسنى لا يشترط فيه ترتيب معين، وإنْ حَفظها الإنسان بأي ترتيب حصل المطلوب، وحديث الترمذي الوراد في ترتيبها ضعفه كثير من أهل العلم مثل: ابن حجر، والألباني، وغيرهما.
وراجع -للاطلاع على معنى حفظها- الفتاوى التالية أرقامها: 12383، 44198، 47291 .
3- الشفع: اسم لما يصلى مثنى قبل الوتر، سواء صلي ركعتين أو أكثر، فإذا اقتصر المرء على ركعة واحدة -وهو مكروه عند بعض أهل العلم- فالأمر في النية واضح، وهو أنه ينوي الوتر فقط، أما في حال الزيادة على ركعة واحدة في الوتر فقد اختلف العلماء فيما ينوى بالركعات التي تصلى قبل الوتر؛ فمنهم من قال: ينوي بها التطوع المطلق، وينوي بالواحدة المنفصلة أو الثلاث أو الخمس أو السبع أو التسع المتصلات أنها وتر، فإن الوتر اسم لها، لا لما قبلها من الصلاة، وهو ظاهر كلام ابن القيم. ومنهم من قال: ينوي بالركعات التي قبل الوتر أنها من الوتر، والوتر اسم لمجموع هذه الصلاة المختومة بالوتر. وقد استقصينا الخلاف في هذه المسألة وبسطنا كلام العلماء فيها -بما لا حاجة بنا إلى إعادته هنا-، وذلك في الفتوى رقم: 133776.
والله أعلم.