عنوان الفتوى : من يمتلك ما يفي بحاجيات الحياة ليس من أهل الزكاة
الإخوة الكرامالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعدأود أن أسأل هل تجوز الزكاة على أسرة يعمل عائلها في وظيفة ولكن دخله لا يكاد يكفي الأسرة وهذه الأسرة لها مبلغ من المال بالبنك تأخذ عائدا من ريع هذا المبلغ ولكن المبلغ أيضا صغير حيث أن رأس المال الموضوع في البنك صغير بالإضافة إلى أنه يتم السحب منه بصفة مستمرة مما أدى إلى تآكل رأس المال ، وأحد أبناء الأسرة بدأ الدراسة الجامعية في مدينة بعيدة عن موطن الأهل مما يتطلب مصاريف تستهلك حوالي ثلث دخل العائلة فهل تستحق هذه الأسرة الزكاة؟ وجزاكم الله خيراً.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت هذه الأسرة تملك مبلغاً من المال يفي بضرورات الحياة، وحاجياتها من السكن والغذاء والملبس ونحو ذلك، فلا يجوز أن تعطى من الزكاة، لأن الزكاة يجب أن تصرف في مصارفها التي حددها الشرع، كما قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].
وهذه الأسرة ليست من هذه المصارف.
واعلم -وفقك الله- أنه ينبغي لهذه الأسرة أن تعمل أو تتاجر فيما لديها من مال، أو يُتجر لها فيه، بدلاً من أن تنتظر الصدقات، وفي البخاري وغيره: لأن يـأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه.
كما ننبه السائل -وفقه الله- إلى أنه يحرم وضع المال في البنوك الربوية، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
وإذا أخذت فائدة على هذا المال كانت الحرمة أشد وأعظم، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279].
فإذا كان ما لهذه الأسرة من مال في بنك ربوي، وجب عليهم أن يأخذوا رأس مالهم وما زاد عليه ربا فهو محرم يحرم عليهم الانتفاع به، وإنما يتخلصون منه بإنفاقه في مصالح المسلمين، ولا يتركونه للبنك في أصح قولى العلماء، ويجب عليهم مع ذلك التوبة إلى الله واستغفاره لما سلف منهم من المعاونة على الربا وأكله.
والله أعلم.