عنوان الفتوى : الطريقة الشرعية في بيع الأجناس الربوية
ماهو الحكم في حالة شراء ذهب ودفع ثمنه ثم اضطر المشتري لإرجاعه لعدم صلاحيته من ناحية الحجم أو النوع مع الشرط المسبق مع البائع مع دفع الفرق في حالة وجود فرق أو إعادة الفرق للمشتري من قبل البائع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود من الشرط المذكور، أنه شرط خيار، أي أنك بالخيار إذا لم يناسبك الذهب في إمضاء البيع أو فسخه -كما هو الظاهر من السؤال- فهذا الشرط والعقد باطل عند جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية، وعند الحنابلة العقد صحيح، والشرط باطل لأن شرط الخيار فيما يجب التقابض فيه -كبيع الذهب- يخل بالتقابض المذكور. قال ابن الهمام : لا يصح في الصرف خيار الشرط، لأنه يمنع ثبوت الملك أو تمامه، وذلك يخل بالقبض . وسيأتي بيان ما هو القبض.
وإذا كان المقصود بالاشتراط المذكور أنك اشترطت عليه أن تبيع له الذهب الذي اشتريته منه جديداً، فهذا لا يخرج عن حالين:
الحال الأول: أن يكون البيع بثمن يومه، سواء كان أَنْقَصَ مما دفعت أو أكثر، فهذا بيع جائز، بشرط أن يتم التقابض في مجلس العقد فتسلمه الذهب ويسلمك الثمن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد . متفق عليه.
فدل قوله صلى الله عليه وسلم : يداً بيد . على اشتراط التقابض المذكور.
الحال الثاني: أن يكون البيع عن طريق استبداله بغيره مع دفع الفرق فهذا لا يجوز، لأنه بيع لجنس ربوي بجنسه متفاضلاً، قال صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها شيئاً غائباً بناجز . رواه البخاري. فاشترط في الحديث التماثل بين العوضين وزناً، وأكد ذلك بقوله لا تُشفوا بعضها على بعض أي: لا تفضلوا بعض العوضين.
والحل الشرعي لذلك أن تبيع الذهب بسعر يومه، ثم تشتري بثمنه ما شئت من عند صاحب المحل أو غيره، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاء بتمر جنيب (جيد طيب) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَكُلُّ تمر خيبر هكذا؟. قال: لا، والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعل، بع الجمع (الرديء من التمر) بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً . فدل هذا على الطريقة الشرعية في بيع الأجناس الربوية -كالذهب والفضة وغيرهما- وهي أن لا يبيعها مالكها بجنسها متفاضلة، إنما تباع بالنقود ثم يشتري بالنقود ما أراد.
والله أعلم.