عنوان الفتوى : حول صحة حديث " من حفظ البقرة وآل عمران فشيخوه"
ما صحة الحديث المنسوب لرسول الله صلي الله عليه وسلم : ( من حفظ البقره وآل عمران فشيخوه ) ؟
الحمد لله
أولا :
ثبت في فضل سورتي البقرة وآل عمران طائفة من الأحاديث ، منها ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (804) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ: ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ) .
ثانيا :
أما الحديث الذي ذكره السائل وفيه :" من حفظ البقرة وآل عمران فشيخوه " ، فهذا الحديث لا أصل له ، ولا يروى بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لا بإسناد صحيح ولا بإسناد ضعيف .
وقريب منه حديث يروى بلفظ :" مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، وَلَمْ يُدْعَ بِالشَّيْخِ : فَقَدْ ظُلِمَ ".
قال فيه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (1161) :" لا أصل له ".
ثالثا :
ورد في توقير وتقديم من حفظ وعلم البقرة وآل عمران على غيره عدة أحاديث ، منها ما هو صحيح ، ومنها ما هو ضعيف .
فمن الصحيح ما رواه أحمد في "المسند" 12215) ، وابن حبان في "صحيحه" (744) من حديث أنس رضي الله عنه قال : ( وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، جَدَّ فِينَا ) .
وفي لفظ ابن حبان (744) " عُدَّ فِينَا ذَا شَأْنٍ " . والحديث صحيح على شرط الشيخين . وينظر التعليق على "المسند" ط الرسالة (19/248) .
ومنه ما أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (5/308) من حديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَصْغَرُ السِّتَّةِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَيْهِ مِنْ ثَقِيفٍ ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ قَرَأْتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ". وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (6/1000) .
ومن الضعيف ما أخرجه الترمذي في "سننه" (2876) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (1509) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا وَهُمْ ذُو عَدَدٍ، فَاسْتَقْرَأَهُمْ ، فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا مَعَهُ مِنَ القُرْآنِ ، فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا ، فَقَالَ: مَا مَعَكَ يَا فُلاَنُ؟ قَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا وَسُورَةُ البَقَرَةِ قَالَ: أَمَعَكَ سُورَةُ البَقَرَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ ".
والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (864) .
رابعا :
وأما كلمة شيخ فلها إطلاقان : الأول : من شاخ في العمر ، والثاني : من استحق أن يتتلمذ عليه الطلاب ويأخذوا عنه ، قال الحافظ بدر الدين العيني في تقريظه على كتاب "الرد الوافر" لابن ناصر الدين والمطبوع معه (ص247) :" وقد علم أن لفظة الشيخ لها معنيان : لغوي واصطلاحي: فمعناه اللغوي: الشيخ من استبان فيه الكبر ، ومعناه الاصطلاحي: الشيخ : من يصلح أن يتتلمذ عليه " . اهـ
وعلى كلٍ ؛ فإن من إجلال الله تبارك وتعالى توقير صاحب القرآن ، كما جاء في الحديث الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إن من إجلالِ الله إكرامَ ذي الشيبَةِ المسلمِ ، وحاملِ القُرآنِ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه ، وإكرَامَ ذي السُّلطَانِ المُقْسِطِ" .
والحديث حسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (98) .
جعلنا الله من أهل القرآن الكريم ، العاملين به على الوجه الذي يرضيه عنا ، بمنه وكرمه .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |