عنوان الفتوى : بيان أن وجه الله صفة ثابتة للذات

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عندي سؤال يتعلق بتوحيد الله في الأسماء والصفات، فبحسب علمي أن معتقد أهل السنة والجماعة هو إثبات ما وصف الله به نفسه أو ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل، ف

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن الله عز وجل منزه عن الموت، وقد قال سبحانه: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ {الفرقان:58}، فليست نفسه ـ وهي ذاته سبحانه الموصوفة بصفاته ـ داخلة في قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وأما قول بعض المخالفين لأهل السنة إنكم إذا أثبتم اليدين والعينين وغيرهما من الصفات لزم أن هذه الصفات تموت ويبقى الوجه فقط لقوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ {الرحمن: 27/26}

فالجواب أن هذا لازم غير صحيح فإن الوجه في اللغة العربية يدل على ثبوت الذات وما زاد عليها من الصفات، وهذه الدلالة في الوجه لا يوجد مثلها في اليدين والعينين حتى يقاسا عليه، فالوجه هنا يدل على الذات المتصفة بالصفات.
قال الكرمي ـ رحمه الله ـ في كتابه (أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات): وَمذهب السّلف أَن الْوَجْه صفة ثَابِتَة لله ورد بهَا السّمع فتتلقى بِالْقبُولِ، وَيبْطل مَذْهَب أهل التَّأْوِيل مَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ والخطابي فِي قَوْله تَعَالَى {وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال} فأضاف الْوَجْه إِلَى الذَّات وأضاف النَّعْت إِلَى الْوَجْه فَقَالَ {ذُو الْجلَال} وَلَو كَانَ ذكر الْوَجْه صلَة وَلم يكن صفة للذات لقَالَ ذِي الْجلَال، فَلَمَّا قَالَ {ذُو الْجلَال} علمنَا أَنه نعت للْوَجْه، وَأَن الْوَجْه صفة للذات، وَقَالَت الْحَنَابِلَة لتأييد مَذْهَب السّلف: إِنَّه قد ثَبت فِي الْخطاب الْعَرَبِيّ الَّذِي أجمع عَلَيْهِ أهل اللُّغَة أَن تَسْمِيَة الْوَجْه فِي أَي مَحل وَقع من الْحَقِيقَة وَالْمجَاز يزِيد على قَوْلنَا ذَات فَأَما فِي الْحَيَوَان فَذَلِك مَشْهُور حَقِيقَة وَلَا يُمكن دَفعه، وَأما فِي مقامات الْمجَاز فَكَذَلِك أَيْضا لِأَنَّهُ يُقَال فلَان وَجه الْقَوْم لَا يُرَاد بِهِ ذَوَات الْقَوْم إِذْ ذَوَات الْقَوْم غَيره قطعا، وَيُقَال هَذَا وَجه الثَّوْب لما هُوَ أجوده، وَيُقَال هَذَا وَجه الرَّأْي أَي أَصَحه وأقومه، وأتيت بالْخبر على وَجهه أَي على حَقِيقَته إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يُقَال فِيهِ الْوَجْه، فَإِذا كَانَ هَذَا هُوَ المستقر فِي اللُّغَة وَجب أَن يحمل الْوَجْه فِي حق البارئ على وَجه يَلِيق بِهِ صفة زَائِدَة على تَسْمِيَة قَوْلنَا ذَات. انتهى.

ويقال أيضا: إن بقاء الصفة وهي الوجه يستلزم بقاء الموصوف، وهي الذات المقدسة، ثم إن من المخلوقات ما لا يفنى ولا يدخل في هذه الآية كالعرش والجنة والنار، فكيف بالله عز وجل وتعالى وتقدس.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يُعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة والنار والعرش وغير ذلك، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع سلف الأمة وأئمتها) انتهى من مجموع الفتاوى (18/ 307).
 والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
يجازي الله الكافرين بخداعهم والاستهزاء والسخرية بهم مجازاة من جنس صنيعهم
حكم قول: صفات الله، تشبه الله
ما حكم من جهل اسمًا من أسماء الله الحسنى؟
معنى حب الله سبحانه وتعالى للعباد
كيف يكون القرآن كلام الله وهو مؤلف من الحروف المخلوقة؟
معنى: "نمرّ الصفات كما جاءت بلا كيف"
الإخبار عن الله تعالى بالشخص في حديث: (ولا شخص أغير من الله..)
يجازي الله الكافرين بخداعهم والاستهزاء والسخرية بهم مجازاة من جنس صنيعهم
حكم قول: صفات الله، تشبه الله
ما حكم من جهل اسمًا من أسماء الله الحسنى؟
معنى حب الله سبحانه وتعالى للعباد
كيف يكون القرآن كلام الله وهو مؤلف من الحروف المخلوقة؟
معنى: "نمرّ الصفات كما جاءت بلا كيف"
الإخبار عن الله تعالى بالشخص في حديث: (ولا شخص أغير من الله..)