عنوان الفتوى : حكم الغش وشهادة الزور في التجارة
باع تاجر تجارة مغشوشة، وأشهد على بيعه هذا شاهدا أكد أن البضاعة سليمة، فما حكم كل من التاجر والشاهد؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغش في البيع من المحرمات بلا ريب، وعده بعض العلماء من كبائر الذنوب، والنصوص على تحريم الغش والوعيد عليه كثيرة جدا، جاء في الزواجر للهيتمي: الكبيرة الموفية المائتين: الغش في البيع وغيره كالتصرية وهي منع حلب ذات اللبن إيهاما لكثرته: أخرج مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن «رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا» . ومسلم وابن ماجه والترمذي عنه: أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصبعه بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء ـ أي المطر ـ يا رسول الله، قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غشنا فليس منا»، والبزار بإسناد جيد: «من غشنا فليس منا»، وجاء هذا المتن من رواية بضعة عشر صحابيا، وعن «أبي سباع قال: اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع ـ رضي الله عنه ـ فلما خرجت بها أدركني يجر إزاره فقال اشتريت؟ قلت نعم، قال: أبين لك ما فيها؟ قلت وما فيها إنها لسمينة ظاهرة الصحة، قال أردت بها سفرا أو أردت لحما؟ قلت أردت بها الحج، قال ارتجعها، فقال صاحبها ما أردت إلى هذا أصلحك الله؟ تفسد علي، قال: إني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: لا يحل لأحد أن يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه»، رواه الحاكم وصححه والبيهقي وكذا ابن ماجه باختصار القصة، إلا أنه قال عن واثلة «سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله، أو لم تزل الملائكة تلعنه»، وأحمد وابن ماجه والطبراني في الكبير والحاكم وقال صحيح على شرطهما: «المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم إذا باع من أخيه بيعا فيه عيب أن لا يبينه». اهـ. باختصار .
والشاهد على سلامة المبيع إن كان عالما بالغش فهو شريك للبائع في الإثم، جاء في الزواجر: وكذلك لو علم العيب غير البائع كجاره وصاحبه ورأى إنسانا يريد أن يشتري ولا يعرف ذلك العيب وجب عليه أن يبينه له كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لأحد يعلم ذلك إلا بينه» وكثير من الناس لا يهتدون لذلك أو لا يعلمون، يمر الشخص منهم فيرى رجلا غرا يريد شراء شيء فيه عيب وهو لا يدريه فيسكتون عن نصحه حتى يغشه البائع ويأخذ ماله بالباطل، وما درى الساكت على ذلك أنه شريك البائع في الإثم والحرمة والكبيرة والفسق المترتب عليه ذلك الوعيد الشديد، وهو أن الغاش الذي لم يبن العيب للمشتري لا يزال في مقت الله أو لا تزال الملائكة تلعنه. اهـ. فإذا كان الساكت عن بيان الغش شريك للغاش في الإثم، فكيف بمن يشهد بسلامة المبيع مع علمه بالغش؟.
وراجعي للفائدة حول الغش الفتوى رقم: 41883 .
والله أعلم.