عنوان الفتوى : حكم ارتداء المرأة الحجاب مع وقوعها في بعض المعاصي
كنت أناقش بعض الزملاء، وقلت لهم: لا بأس أن ترتدي الفتاة النقاب، حتى وإن كان لها معاص أخرى، كسماع الغناء، وما شابه. علمًا بأن النقاب في بلدنا يرمز -في الغالب- إلى التزام من ترتديه. لكنني قلت لهم: لا بأس أن تبدأ الفتاة بارتدائه كحجاب شرعي، ثم تترك تلك المعاصي شيئًا فشيئًا، وإنه من لم يستطع ترك المعصية فلا يحرم نفسه من الطاعة. فرفض الزملاء الفكرة، وقالوا: إنه لا يجب أن ترتدي الفتاة هذا اللباس قبل أن تترك كل المعاصي، وأنه مرحلة يجب أن تسبقها مراحل أخرى. فهل هناك حقًّا في الإسلام عبادات يجب أن تسبقها ترك معاص معينة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الواجب على المسلم أن يتوب إلى ربه -سبحانه- من جميع الذنوب، لا من ذنب واحد فقط، كما بيناه في الفتويين التاليتين: 20811، 79733. ولكن لو أن عبدًا من عباد الله تاب من بعضها دون البعض الآخر كانت توبته صحيحة، قال الإمام النووي في الأذكار، ورياض الصالحين: ويجب على العبد أن يتوب من جميع الذنوب, فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي. اهـ.
فتوبة الفتاة من التفريط في الحجاب لا تتوقف في صحتها على التوبة من غيره. وعسى أن يكون لبسها الحجاب دافعًا لها إلى الحياء من الله تعالى، ومن خلقه، فتبادر إلى التوبة من الغناء أو غيره من المنكرات.
وننبه إلى أنه ينبغي تيسير الأمر على العباد في جانب التوبة، والحذر من التضييق عليهم فيها، وإيقاعهم في القنوط من رحمة الله سبحانه، وهو القائل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.
والله أعلم.