عنوان الفتوى : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء
إذا قال صاحب بدعة نحن أيضا أحاديثنا صحيحة لأنه لدينا نحن كذلك رجال ثقات وثقهم علماؤنا مع أن جميع أحاديثهم تقريبا ضعيفة كيف يكون الرد عليه؟ جزاكم الله خيراً...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أهل السنة إذا حكموا على حديث بالصحة أ والضعف لا يحكمون عليه بمجرد الهوى، أو لنصرة رأي على رأي. إنما يحكمون عليه بأصول وقواعد غاية في الدقة والضبط بلا محاباة أو انحياز. وهذه كتب الجرح والتعديل وعلوم الحديث شاهدة على صدقهم وإنصافهم رضي الله عنهم، بل إن هذه الأصول والقواعد مفخرة من مفاخر الإسلام.. شهد بذلك الأعداء قبل الأصدقاء، وقد خص الله تعالى أمتنا بهذا الإسناد دون غيرنا من الأمم، وفي هذا يقول عبد الله بن المبارك: إن الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
فإذا قال أهل البدع إن أحاديثهم صحيحة أو مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فلنقل لهم: أين أسانيدكم؟ ومن روى هذه الأحاديث؟
والمتأمل في كتب الرجال لدى بعض الفرق، يرى اشتمالها على جماعة كبيرة من المتهمين بالكذب؛ فضلاً عن الضعفاء والمجاهيل، وربما نصت هذه الكتب على ذلك ثم يظل المنتسبون إلى هذه الفرق يحتجون بمرويات لم تثبت إلا من طريق هؤلاء الكذابين أو الضعفاء والمجاهيل، ولهذا فلا ينبغي أن يتصدى لمناقشة هؤلاء إلا أهل العلم المطلعين على كتبهم، ليثبتوا لهم ضعف مروياتهم من كتبهم وحسب قواعدهم.
وإذا أتى المبتدع بنص صح مسنده طولب ببيان معناه من كلام سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وفي هذا يقول إبراهيم النخعي يرحمه الله: لو رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يغسلون أيديهم إلى الكوعين وأنا أقرأها إلى المرفقين ما زدت على ذلك؛ لأنهم الذين تلقوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ثم يحكم على الحديث بتلك القواعد والأصول.
والله أعلم.