عنوان الفتوى : حكم من مر بميقات ولم يحرم فأحرم بمحاذاة ميقات آخر
نحن من أهالي المدينة المنورة، وكنت مسافرا بالسيارة أنا وعائلتي من المدينة المنورة إلى مدينة جدة ـ بالطبع غير مُحرمين ـ ونحن في منتصف الطريق وبعد أن تجاوزنا ميقات ذي الحليفة، أردنا استبدال سفرنا إلى جدة بسفرنا إلى مكة المكرمة لنعتمر، ثم بعد الانتهاء من العُمرة نذهب إلى جدة، وبالفعل أحرمنا في طريق الهجرة السريع بما يوازي ميقات الجُحفة، وذهبنا لمكة واعتمرنا. سؤالي حفظكم الله: هل علينا شيء بفعلنا هذا؟ وهل عمرتنا صحيحة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فعمرتكم صحيحة، ولكن كان الواجب عليكم الإحرام من المكان الذي أنشأتم فيه نية العمرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين عين المواقيت: وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، متفق عليه،
قال في أسنى المطالب: وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ، ثُمَّ عَنَّ -أَيْ عَرَضَ- لَهُ قَصْدُ النُّسُكِ فَذَلِكَ أَيْ مَحَلُّ عُرُوضِ ذَلِكَ لَهُ مِيقَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ كَمَا شَملَ ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ: وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ. اهــ
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: مَنْ سَافَرَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلنُّسُكِ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ النُّسُكُ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ تَجَدَّدَ لَهُ الْقَصْدُ. اهــ
فإذا أخرت الإحرام عن المكان الذي نويت فيه العمرة فقد تجاوزت الميقات الذي عينه لك الشرع، ويلزمك دم تذبحه وتوزعه على فقراء الحرم، وأما الإحرام عند محاذاة الجحفة فالمحاذاة إنما يخاطب بها من لم يمر بميقات فيحرم عند محاذاة أقرب ميقات له، وأما من مر بالميقات فليس له أن يؤخر الإحرام إلى محاذاة ميقات آخر.
قال ابن عابدين: وجوب الإحرام بالمحاذاة إنما يعتبر عند عدم المرور على المواقيت، أما لو مر عليها فلا يجوز له مجاوزة آخر ما يمر عليه منها وإن كان يحاذي بعده ميقاتا آخر.
والله تعالى أعلم