عنوان الفتوى : تقييم لكتاب صفة الصفوة
ما رأيكم في كتاب: صفة الصفوة، من حيث إنه يبين العلماء، والعباد، والأولياء المقتدى بهم، وأقوالهم، وعباراتهم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكتاب صفة الصفوة لابن الجوزي، اختصره من حلية الأولياء لأبي نعيم، وابن الجوزي عالم موسوعي، وواعظ قليل النظير، وإن اشتمل الكتاب على بعض القصص الواهية.
وقد قيم الكتابين شيخ الإسلام ابن تيمية، وقارنهما بغيرهما مقارنة نافعة، فقال في مجموع الفتاوى: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، صاحب كتاب "حلية الأولياء" "وتاريخ أصبهان" و"المستخرج على البخاري، ومسلم" و "كتاب الطب" و "عمل اليوم والليلة" و "فضائل الصحابة" و "دلائل النبوة" و "صفة الجنة" و "محجة الواثقين" وغير ذلك من المصنفات: من أكبر حفاظ الحديث، ومن أكثرهم تصنيفات، وممن انتفع الناس بتصانيفه، وهو أجل من أن يقال له: ثقة؛ فإن درجته فوق ذلك، وكتابه "كتاب الحلية " من أجود الكتب المصنفة في أخبار الزهاد، والمنقول فيه أصح من المنقول في رسالة القشيري، ومصنفات أبي عبد الرحمن السلمي، -شيخه-، ومناقب الأبرار لابن خميس، وغير ذلك؛ فإن أبا نعيم أعلم بالحديث، وأكثر حديثا، وأثبت رواية، ونقلا من هؤلاء، ولكن كتاب الزهد للإمام أحمد، والزهد لابن المبارك، وأمثالهما أصح نقلا من الحلية. وهذه الكتب وغيرها لا بد فيها من أحاديث ضعيفة، وحكايات ضعيفة، بل باطلة، وفي الحلية من ذلك قِطع، ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها؛ فإن في مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي؛ ورسالة القشيري؛ ومناقب الأبرار؛ ونحو ذلك من الحكايات الباطلة، بل ومن الأحاديث الباطلة، ما لا يوجد مثله في مصنفات أبي نعيم، ولكن "صفوة الصفوة" لأبي الفرج ابن الجوزي، نَقْلُها من جنس نقل الحلية، والغالب على الكتابين الصحة، ومع هذا ففيهما أحاديث، وحكايات باطلة. وأما الزهد للإمام أحمد ونحوه، فليس فيه من الأحاديث، والحكايات الموضوعة مثل ما في هذه؛ فإنه لا يذكر في مصنفاته عمن هو معروف بالوضع، بل قد يقع فيها ما هو ضعيف بسوء حفظ ناقله. اهـ.
والله أعلم.