عنوان الفتوى : كيفية تأييد الروح القدس لعيسى عليه السلام

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

في القرآن يقول الله تعالى:( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) كيف بالتحديد قام الروح القدس جبريل بتأييد عيسى ؟ هل من الممكن توضيح هذه الآية لي ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

أولًا:

روح القدس هو جبريل عليه السلام، وهو الرسول الكريم الموصوف في القرآن بالقوة، والمكانة عند الله تعالى، قال الله: ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) سورة التكوير/19-21 .

انظر: تفسير الطبري: (2/ 223)، وتفسير الرازي: (3/ 596).

وفي سبب تسميته بروح القدس، يقول الإمام الواحدي: " وإنّما سُمي جبريل رُوحًا؛ لأنه بمنزلة الأرواح للأبدان ؛ يحيا بما يأتي من البيان عن الله عز وجل : من يُهدَى به، كما قال عز وجل: ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ) [الأنعام: 122]، أي: كان كافرًا فهديناه "، التفسير البسيط: (3/ 130).

ثانيًا:

ومعنى قوله تعالى: ( أيدناه )، أي: قويناه، وأعناه .

ومن وجوه التأييد:

أن جبريل ربَّى عيسى عليهما السلام، وكان معه في جميع أحواله، وصعد به إلى السماء .

والتأييد في دعوته إلى الدين، لأنه الذي يلقي إلى عيسى ما يأمره الله بتبليغه.

انظر: تفسير الطبري: (2/ 221)، تفسير الرازي: (3/ 596)، والتحرير والتنوير: (7/ 101).

على أن أعظم وجوه التأييد مطلقا ، تأييد بوحي الله جل جلاله ، وخبر السماء ؛ وإنما خص جبريل بذلك ، لأنه ملك الوحي الموكل به .

قال شيخ الإسلام: " وروح القدس: قد يراد بها الملك المقدس كجبريل، ويراد بها الوحي، والهدى والتأييد الذي ينزله الله بواسطة الملك أو بغير واسطته، وقد يكونان متلازمين، فإن الملك ينزل بالوحي، والوحي ينزل به الملك، والله - تعالى - يؤيد رسله بالملائكة وبالهدى، كما قال - تعالى -: عن نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: ( فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ) [التوبة: 40] "، الجواب الصحيح: (3/ 195) ، وينظر أيضا : "الجواب الصحيح" (3/271) وما بعدها .

وقال الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله :

" وقوله: وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس البينات هي المعجزات الظاهرة البينة، وروح القدس هو جبريل، فإن الروح هنا بمعنى الملك الخاص ، كقوله: (تنزل الملائكة والروح فيها) [القدر: 4] .

والقدس ، بضم القاف ، وبضم الدال عند أهل الحجاز ، وسكونها عند بني تميم ؛ بمعنى : الخلوص والنزاهة، فإضافة روح إلى القدس من إضافة الموصوف إلى الصفة، ولذلك يقال الروح القدس .

وقيل القدس اسم الله كالقدوس ، فإضافة روح إليه إضافة أصلية، أي روح من ملائكة الله.

وروح القدس هو جبريل قال تعالى: ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ) [النحل:102] .

وفي الحديث: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها) .

وفي الحديث : أن النبيء صلى الله عليه وسلم قال لحسان: (اهجهم ومعك روح القدس) .

وإنما وصف عيسى بهذين ، مع أن سائر الرسل أيدوا بالبينات وبروح القدس ؛ للرد على اليهود الذين أنكروا رسالته ومعجزاته، وللرد على النصارى الذين غلوا فزعموا ألوهيته، ولأجل هذا ذكر معه اسم أمه- مهما ذكر- للتنبيه على أن ابن الإنسان لا يكون إلها، وعلى أن مريم أمة الله تعالى ، لا صاحبة ؛ لأن العرب لا تذكر أسماء نسائها وإنما تكني، فيقولون ربة البيت، والأهل، ونحو ذلك ، ولا يذكرون أسماء النساء إلا في الغزل، أو أسماء الإماء." انتهى، من "التحرير والتنوير" (3/9) .

وراجع جواب السؤال رقم (14403) لمزيد من الفائدة .

والله أعلم