عنوان الفتوى : ضوابط الغيبة المباحة
هل يجوز أن يغتاب المؤمن شخصاً مبتدعا إذا كان الشخص المبتدع يعلم بأنه يقوم بشيء محرم وثانياً إذا لم يكن يعلم. أم لا يجوز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل الغيبة محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [الحجرات:12].
وقال صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم وغيره.
إلا أنه قد يعرض للأمر المحرم ما يبيح فعله، وللغيبة أحوال تجيزها وقد بيناها مستوفاة في الفتوى رقم:
6710 - والفتوى رقم: 17373.
ومن هذه الأحوال: التحذير من المبتدع بما يبصر الناس ببدعته ويحصنهم من الوقوع فيها، لكن يجب ألا يتعدى المحذر حدود ما دعت الحاجة إليه في ارتكاب المنهي عنه، وذلك بأن يكتفي بذكر الخصال التي تؤدي المقصود من التحذير وهو الإرشاد والتوجيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح، وابتغاء وجه الله تعالى، لا لهوى الشخص مع الإنسان، مثل أن يكون بينهم عداوة دنيوية، أو تحاسد أو تباغض أو تنازع على الرئاسة، فيتكلم بمساوئه مظهراً للنصح، وقصده في الباطن القدح في الشخص، فهذا من عمل الشيطان، وإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، بل يكون الناصح قصده أن يصلح ذلك الشخص، وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم، ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه. انتهى
وقد ذكر نحواً من هذا اللكنوي في كتابه الرفع والتكميل في الجرح والتعديل.
ولا فرق في جواز غيبة المبتدع بين كونه عالماً ببدعته، وكونه غير عالم بها، لأن حاجة الناس إلى الحذر منها تقتضي الجواز دون نظر إلى نية فاعلها أو حاله.
والله أعلم.