عنوان الفتوى : الاتصال الذي لا يوصَف بحِلٍّ ولا حُرمة
ما حكم الدين فيمن أرسل رجلاً نائبًا عنه لعقد النِّكاح، ثم سافر في اليوم نفسه، ولما عادَ وَقَع على خطيبتِه ظانًّا أن نائِبَه عَقَدَ له عليها، وظَهر أنّه لم يعقِد عليها وحملتْ منه، فهل يُعتبر الحمل منسوبًا إليه أم لا؟
الاتِّصال الجنسي بين الرجل والمرأة على ثلاثة أضْرُب، ضَرْب حلال وضرب حرام وضرب ليس بحلال ولا بحرام، أما الحلال فهو ما كان بعَقد نكاح صحيح مستوفٍ للأركان والشروط، أو كان تمتُّعا بمِلك اليمين للأَمَة غيرِ الحُرّة، والحرام ما كان على غير هذه الصورة مع عدم وجود شُبهة ومع العلم والاختيار، قال تعالى في صِفات المؤمنين المفلحين( والذينَ هُمْ لِفُروجِهِمْ حَافِظونَ * إلاّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهم فإنَّهُمْ غَيْرُ مَلومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَراءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ) [ سورة المؤمنون : 5 ـ 7 ] وفي الحرام عقوبة بالجلد والتغريب لغير المُحْصَنِ ، وبالرجم للمحصَن .
وأما الاتصال الذي لا يوصَف بحِلٍّ ولا حُرمة فهو ما كان فيه شُبْهة، كأن جامَع الرّجل امرأة يَظنُّ أنها زوجته فبانت أجنبيّة عنه، وهذا لا حَدَّ ولا عقوبة فيه. لكن من جهة لُحوق النّسب في الحمل فالمولود يُنسَب إلى أمِّه في الأضْرُب الثلاثة لأنّها هي التي حملت وولدَتْ، وذلك لا خِلاف فيه بين العلماء. أما نسبُه للرَّجُل فهو ثابت له في الاتِّصال الحلال،غير ثابت له في الاتِّصال الحرام، وأما في الاتِّصال بشبهة فإن كان الموطوءة على فِراش رجل آخر ـ يعني متزوِّجة ـ فالولد يلحَق الزّوج، لحديث ” الولد للفِراش وللعاهِر الحَجَر ” إلا إذا نَفاه عنه باللّعان المذكور في أوائل سورة النور فلا يلحقه، وإن كانت غير متزوِّجة فإن الولد يلحَق مَن وطئها، وذلك على رأي جمهور الفقهاء .
جاء في كتاب ” المُغْنِي ” لابن قُدامة ” ج 9 ص 57 ” أنه لو وَطِئَ رجل امرأةً لا زوج لها بشُبهة فأتت بولَد لحِقَه نسبه، وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة، وقال أحمد بن حنبل كل مَن درأت عنه الحدَّ ألحقتَ به الولدَ، ولأنّه وَطْءٌ اعتقد الواطِئ حِلَّهُ فلحِق به النسبُ، كالوَطْءِ في النِّكاح الفاسد ـ أي الذي اختلَّ أحد أركانِه أو شروطه ـ وفارَق وطء الزِّنا ـ أي في عدم لُحوق النسب به ـ فإنّه لا يعتقد الحِلّ فيه. ولو تزوّج رجلان أختين فغلط بهما عند الدُّخول فزُفّت كل واحدة منهما إلى زَوج الأخرى فوَطِئَها وحملت منه لَحِقَ الولد بالواطِئ، لأنّه يعتقِد حلّه فلحِق به النّسب كالوَطء في نِكاح فاسِد .
وجاء مثل هذا الكلام في حاشية الشرقاوي على التحرير في فقه الشافعيّة ” ج2 ص 219 ، 271 ” وذكر أن شُبهة الفاعِل تمنَع أحد وتوجِب مهر المثل، ولا يوصَف بها الوَطْءُ بحِلٍّ ولا حُرمة، ويَثبت به النّسب، وتثبت به العِدّة .
من هذا يُعرف جواب السّؤال وهو لُحوق الحَمل بهذا الرّجل الذي ظَنَّ أن مَن جامَعَها هي زوجتُه.