عنوان الفتوى : هل يجب الإنكار على من يحنث في يمينه ولا يكفر ؟
هل يجب إعلام من حنث في يمينه بأنه حنث ؟ وماذا لو ترتب على إعلامه بذلك ضرر ؟
الحمد لله.
أولا :
إذا علمت رجلا حلف بالله يمينا منعقدة ولم يكفّر ، وتيقنت ذلك منه ؛ فيجب عليك أن تنصح هذا الرجل ، وتبين له ما يجب عليه من حق لله ، من العتق أو الإطعام أو الكسوة ، فإن لم يجد فإنه يصوم ثلاثة أيام .
وينظر جواب السؤال رقم (45676).
ومن الأدلة على وجوب تغيير المنكر ، والقيام بهذه الشعيرة العظيمة ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ( 49 ) .
وينظر جواب السؤال رقم (10081) ورقم (96662) ورقم (104020) .
ولا شك أن ترك التكفير عن اليمين منكر ، مخالف للشرع ، يجب نهي صاحبه عنه .
وقد دل الحديث السابق على أن هذا الوجوب : مراتب بحسب استطاعة الآمر الناهي .
والقاعدة العامة في جميع أوامر الشرع أنها مقيدة بالاستطاعة وتسقط بالعجز عنها وخشية حصول الضرر ، قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) البقرة / 286، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) متفق عليه .
فإذا كان هذا الرجل سيئ الخلق ، فلا يقبل نصيحة ناصح ، وقد يتلفظ بألفاظ غير لائقة ، فلا حرج عليك حينئذ إذا سكت عن نصحه .
أما إذا كنت تقصد نوعا آخر من الضرر ، فلابد من بيانه حتى ينظر فيه ؛ هل هو معتبر في سقوط الواجب عنك ، أو غير معتبر .
ثانيا :
بناء على ما سبق فإن كنت قادراً على النهي عن هذا المنكر ، دون أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم ، كأن يعاند ويتلفّظ بألفاظ فيها جرأة على الشريعة وأحكامها ، أو نحو ذلك من المنكرات التي قد تترتب على إنكار المنكر ، فينبغي عليك أن تسعى في هدايته مع التلطف به قدر الاستطاعة لعل ذلك يكون سبباً في قبوله النصح .
وإن لم تقدر على إزالة هذا المنكر أو تخفيفه ، فيكفيك الإنكار بقلبك فإنه أضعف الإيمان .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" أحيانا الذكرى لا تنفع بل تضر ، والمقصود إصلاح الخلق لا إطفاء الغيرة ، الإنسان في قلبه غيرة ، ويكره كل معصية ، لكن هل المقصود أنك تطفئ غيرتك بالإنكار ، أو تصلح غيرك بالإنكار ؟
الجواب : الثاني ...
فأنت : انظر إلى المصلحة، فنحن لا نستطيع أن نحدد ؛ لأن الناس يختلفون ، لكن إذا كانت المصلحة في الدعوة والإنكار : فافعل ، وإلا فاسكت إلى وقت آخر .
ولهذا أول ما أمر الرسول بالإنذار قال الله له : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، ثم بدأت الدعوة تتوسع ، حتى انتهت بعد أن هاجر الرسول إلى قتال الأعداء " انتهى من (اللقاء 149) من " لقاءات الباب المفتوح " .
والله أعلم .