عنوان الفتوى : حكم الثياب التي لم تزل منها النجاسة بعد غسلها
هل يمكن للشخص أن يأخذ بقول الإمام مالك في تنجس المياه أنها لا تتنجس إلا إذا تغيرت أوصافها، وذلك عند غسل الشخص ملابسه في الغسالة، وتبين بعد غسل ونشر الملابس أن النجاسة لم تزل من قطعة من الملابس؛ ولأن تطهير كل الأماكن فيه مشقة إذا أخذ بقول تنجس الملابس، يعني أن يأخذ الشخص بقول الإمام مالك بعد أن اكتشف النجاسة. وجزاكم الله خيرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت قطعة من الثياب متنجسة, ثم غسلت داخل الغسالة مع كمية من الثياب، ولم يتغير الماء بالنجاسة, فلا تتنجس تلك الثياب عند المالكية, ومن وافقهم من أهل العلم, ولك الأخذ بهذا القول.
جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وأما القول الثاني: فهو قول من يقول: القياس أن لا ينجس الماء حتى يتغير، كما قاله من قاله من فقهاء الحجاز، والعراق، وفقهاء الحديث، وغيرهم: كمالك، وأصحابه، ومن وافقهم من أصحاب الشافعي، وأحمد، وهذه طريقة القاضي أبي يعلى بن القاضي أبي حازم، مع قوله إن القليل ينجس بالملاقاة، وأما ابن عقيل، وابن المنى، وابن المظفر، وابن الجوزي، وأبو نصر، وغيرهم من أصحاب أحمد: فنصروا هذا - أنه لا ينجس إلا بالتغير - كالرواية الموافقة لأهل المدينة، وهو قول أبي المحاسن الروياني، وغيره من أصحاب الشافعي، وقال الغزالي: وددت أن مذهب الشافعي في المياه كان كمذهب مالك. انتهى.
وبخصوص القطعة التي لم تذهب عنها النجاسة, فلا بد من غسلها حتى يزول ريح النجاسة, ولونها, ولا يضر بقاء لون النجاسة إذا عسرت إزالته. جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء ـ المالكية، والشافعية، والحنابلة ـ إلى أن إزالة لون النجاسة إن كان سهلا، ومتيسرا وجب إزالته؛ لأن بقاءه دليل على بقاء عين النجاسة، فإن تعسر زوال اللون، وشق ذلك، أو خيف تلف ثوب، فإن المحل يطهر بالغسل، ولا يضر بقاء اللون؛ لحديث أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، قال: إذا طهرت فاغسليه، ثم صلي فيه، قالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: يكفيك غسل الدم، ولا يضرك أثره. انتهى.
والله أعلم.