عنوان الفتوى : أكلت أخته حقه ولها مال عنده من ميراث أمها فهل يأخذ منه حقه
وثقت أنا والمرحومة أمي في أختي لشراء أموال وعقارات مناصفة بيني وبين أمي ولكن أختي خانت الأمانة واستولت علي نسبه كبيره من أموالي أنا وأمي بيع وشرا لها ولبناتها، وبعد وفاة أمي لم تتعظ وترجع الأموال لأصحابها او تعطى باقي إخوتى ميراثهم من والدتنا ، السؤال هو: فيما يخصني فأنا متأكد تماما من قيمة ما أخذته منى علما بأنها لها حق عندي من ميراث أمي شرعا ولكنه مسجل باسمي، فهل يجوز أن آخذ حقي من نصيبها الذى أمتلكه أم أعطيها حسب الشرع واترك حسابها عند الله.
الحمد لله.
أولا:
إذا ثبت ما ذكرته عن أختك ، فإنها تكون قد أساءت إساءة بالغة، وجمعت بين أكل المال بالباطل، وما يدعو لقطيعة الرحم .
والواجب عليها التوبة إلى الله تعالى، ومن توبتها أن ترد المظالم إلى أهلها؛ لما روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ : أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ).
قال النووي رحمه الله: " قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عن المعصية. والثاني: أن يندم على فعلها. والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه : رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه ، مكّنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها " . انتهى من "رياض الصالحين" ص 33 .
ثانيا:
إذا لم يمكنك الوصول إلى الحق الذي لك على أختك : جاز أن تأخذه من نصيبها من التركة الذي تحت يدك، وهذه مسألة تعرف عند الفقهاء بـ" الظفر بالحق " ؛ وهي : أنه من كان له حق عند شخص، ولم يستطع أخذ حقه منه، ثم ظفر بشيء من ماله ، فله أن يأخذ من ماله قدر حقه دون زيادة, على الراجح من كلام أهل العلم .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (27068) , والفتوى رقم : (162369).
قال المزني رحمه الله في "مختصره" – بهامش الأم – (5/267) :
" باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه إياه: وكانت هند زوجة لأبي سفيان ، وكانت القيم على ولدها لصغرهم ، بأمر زوجها .
فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما شكت إليه ، أن تأخذ من ماله ما يكفيها وولدها بالمعروف .
فمثلها : الرجل يكون له الحق على الرجل فيمنعه إياه، فله أن يأخذ من ماله ، حيث وجده ، بوزنه أو كيله، فإن لم يكن له مثل كانت قيمته دنانير أو دراهم، فإن لم يجد له مالا ، باع عرضه واستوفى من ثمنه حقه.
فإن قيل: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أد إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " ؟
قيل: إنه ليس بثابت.
ولو كان ثابتا : لم تكن الخيانة ما أُذِن بأخذه صلى الله عليه وسلم، وإنما الخيانة أن آخذ له درهما ، بعد استيفاء درهمي ، فأخونه بدرهم ، كما خانني في درهمي ؛ فليس لي أن أخونه بأخذ ما ليس لي؛ وإن خانني" انتهى.
وينظر : "الأم" (6/270) .
وقال القرطبي رحمه الله في هذه المسألة : " والصحيح : جواز ذلك ، كيفما توصل إلى أخذ حقه ، ما لم يُعَدّ سارقا، وهو مذهب الشافعي وحكاه الداودي عن مالك ، وقال به ابن المنذر، واختاره ابن العربي ، وأن ذلك ليس خيانة ، وإنما هو وصول إلى حق" انتهى من " تفسير القرطبي " (2 / 355).
والأخذ بمسألة الظفر مقيد بثلاثة أمور:
الأول: ألا يأخذ أكثر من حقه.
الثاني: أن يأمن الفضيحة والعقوبة.
الثالث: ألا يمكنه الوصول إلى حقه عن طريق القضاء، لعدم وجود البينة لديه، أو لسوء إجراءات التقاضي ، وما يصحبه من كلفة وتأخر.
فإن اختل شرط من هذه الشروط لم يجز له العمل بمسألة الظفر.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |