عنوان الفتوى : السواك.. وجوب أم سنة
هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو كنت فارضا على أمتي شيئا بعد الصلاة لكان اللحية والسواك؟ وهل في ذلك ـ إن صح ـ حجة للقول بعدم وجوب إعفاء اللحية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم شيئا بهذا المعنى في السنة النبوية! وإنما الذي ورد هو قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. رواه البخاري ومسلم.
وفي هذا دليل على عدم وجوب التسوك، قال النووي في المجموع: السِّوَاكُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلا مَا حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا عَنْ دَاوُد أَنَّهُ أَوْجَبَهُ، وَحَكَى صَاحِبُ الْحَاوِي أَنَّ دَاوُد أَوْجَبَهُ وَلَمْ يُبْطِلْ الصَّلاةَ بِتَرْكِهِ، قَالَ: وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: هُوَ وَاجِبٌ، فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلاتُهُ، وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ إِسْحَاقَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَلا يَصِحُّ عَنْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْعَبْدَرِيُّ: غَلِطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي حِكَايَتِهِ وُجُوبَهُ عَنْ دَاوُد، بَلْ مَذْهَبُ دَاوُد أَنَّهُ سُنَّةٌ، لأَنَّ أَصْحَابَنَا نَصُّوا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَنْكَرُوا وُجُوبَهُ، وَلا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا الرَّدُّ عَلَى أَبِي حَامِدٍ، وَاحْتَجَّ لِدَاوُدَ بِظَاهِرِ الأَمْر، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي الأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ ـ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: لَوْ كَانَ وَاجِبًا لأَمَرَهُمْ بِهِ، شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ السِّوَاكَ سُنَّةً غَيْرَ وَاجِبٍ، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِهِ إلا إِسْحَاقَ وَدَاوُد... وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، يَعْنِي لأَمَرْتهمْ أَمْرَ إيجَابٍ، لأَنَّ الْمَشَقَّةَ إنَّمَا تَلْحَقُ بِالإِيجَابِ لا بِالنَّدْبِ. اهـ.
وأما اللحية: فأمر صلى الله عليه وسلم بإعفائها في أحاديث كثيرة مشتهرة، وانظر الفتوى رقم: 192001.
والله أعلم.