عنوان الفتوى : من دعا إلى معصية وتاب وبقي فسادها...نظرة شرعية
أحيكم بتحية الإسلام فلكم مني أطيب سلام... وبعد:باختصار شديد...قبل بلوغي كنت أمارس العادة السرية وقد علمتها لصديقتي ثم انقطعت علاقتي بها والتزمت أنا وتركت تلك العادة المشئومة ولم أعرف شيئا عن صديقتي إلا مؤخراً... أنها قد فعلت الفاحشة والأمر قد عرف... أخشى ما أخشاه أن أكون قد أخذت مثل ذنوبها لأني أول من علمتها شيئا كهذا ومع العلم أني قد كنت نسيتها تماما ولم تحن لي فرصة لأسألها إن كانت مستمرة على تلك العادة أم لا... أفيدوني أفادكم الله... فذلك الموضع يزيل النوم من أجفاني...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قد فعلت ما فعلت قبل بلوغك فلا شيء عليك إن شاء الله لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ: وعن الصبي حتى يحتلم (أي يبلغ) وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وغيره.
وإن كنت فعلت ذلك بعد بلوغك فقد اقترفت إثماً عظيماً، ولربما كان تعليمك لصديقتك ذلك الفعل القبيح سبباً في وقوعها بعد ذلك في الفاحشة الكبرى ولا حول ولا قوة إلا بالله، فكل من دعا غيره إلى إثم أو ضلالة كان عليه مثل وزر من عمل بها في كل مرة، وكذا ورز من اقتفى أثر من عمل بها.
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً.
ومع ذلك فإذا اعترف العبد بذنبه وأقبل على الله بصدق وتاب إليه خوفاً منه وتعظيماً له ورجاء عفوه فإن الله يفرح بتوبة عبده ويغفر له، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار [التحريم:8].
والحاصل أنك بتوبتك النصوح تكونين قد أتيت بما وجب عليك ولو بقيت من دعوتيها إلى هذا المنكر ممارسة له أو داعية إليه.
قال صاحب المراقي:
من تاب بعد أن تعاطى السببا === فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع === عن بث بدعة عليها يتبع .
وأما صديقتك تلك فعيك بزيارتها ومناصحتها برفق ووعظها وترغيبها في التوبة وتخويفها من عذاب الله وإرشادها إلى الطريق السوي وربطها بكتاب الله وكوني خير معين لها على ذلك ولك الأجر.
والله أعلم.