عنوان الفتوى : الخوف من الله...معناه وأثره وكيفية اكتسابه
ما معنى الخوف من الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن معنى الخوف من الله تعالى هو: استشعار عظمته والوقوف بين يديه، وأنه يعلم سر العبد وجهره، قال تعالى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:13، 14].
وقال تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7].
فإذا علم المؤمن أن الأنفاس تعد عليه، وأن الحفظة الكاتبين يراقبون أعماله، وأنه حيثما حلَّ متابع، وأن طريق الهروب من الله مسدود، ولا حيلة له إلا الاستسلام والانقياد والإقبال على طاعة الله، والاستفادة من المهلة الممنوحة له، إذ لا يدري متى يتخطفه الموت، ويصير إلى ما قدم.
إذا علم كل ذلك تحصل عنده خوف الله وعاش معنى الخوف، وكان من الخاشعين الموقنين، الذين لا يرى الشك إلى قلوبهم سبيلاً، ولا تنتهي عزائمهم ولا تفتر قواهم، ولا تكسل جوارحهم؛ لأن تفكيرهم منصب على كسب الخير، وجمع ما يمكن من أسباب العبور إلى دار الكرامة، وهم منشغلون بأهوال موقف الحساب وعرض الأعمال، وترقب نتائج أعمالهم في الدنيا، فهم فيها غرباء يمشون بأجسادهم وأنظارهم مقبلة على الآخرة، لا يستكثرون أعمال البر، ولا يحتقرون المعاصي؛ لأنهم لا يأمنون مكر الله تعالى، قال عز من قائل: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99].
جعلنا الله وإياك من الذين يرجون رحمته ويخافون عذابه.. آمين .
والله أعلم.