عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في استقبال المعزين في البيت
قرأت في فتاواكم بأن العزاء للميت في البيت بعد دفنه جائز، ولكنني سمعت العثيمين ـ رحمه الله ـ في قناته يقول إن هذا لا أصل له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على مطالعة فتاوانا، وكما لاحظت فقد بينا في جملة منها أن تعزية المسلم في مصابه مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من عزى مصاباً فله مثل أجره. رواه الترمذي وغيره.
وقوله: من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
والسنة تحصل بأي كيفية حصلت بها التعزية وفي أي مكان وقعت، سواء كان ذلك في البيت أو خارجه، قال الشافعي ـ رحمه الله ـ في الأم: وَالتَّعْزِيَةُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمَيِّتِ في الْمَنْزِلَ، وَالْمَسْجِدَ وَطَرِيقَ الْقُبُورِ، وَبَعْدَ الدَّفْنِ، وَمَتَى عَزَّى فَحَسَنٌ.
كما بينا أن بعض أهل العلم كره الاجتماع لها، لما رواه الإمام أحمد وغيره عن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
وقال بعض العلماء ما معناه: استحباب التعزية جاء في الشرع مطلقاً، فلا يقيده إلا الشارع، وهذا معدوم هنا، لذلك ينبغي الرجوع فيه إلى ما تعارف عليه الناس، فكل عصر له عرفه، وكل قطر له عرفه، ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي كالندب، والنياحة، وصنع الطعام من قبل أهل الميت للمعزين، وقد قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ في مجموع فتاواه: لا أعلم بأساً في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه، أو زوجته، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب لأن التعزية سنة، واستقباله المعزين مما يعينهم على أداء السنة، وإذا أكرمهم بالقهوة، أو الشاي، أو الطيب، فكل ذلك حسن.
أما فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فكان يرى أن الجلوس للتعزية مخالف للسنة، فقال في مجموع فتاواه ورسائله: أصل جلوس التعزية خلاف السنة، ولم يكن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يجلسون للتعزية..
وبهذا تعلم أن في هذه المسألة خلافا، والقول بجواز التعزية في البيت وفي غيره ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي ـ كما أشرنا ـ قد قال به قائلون من العلماء.
والله أعلم.