عنوان الفتوى : معيار الصاحب الصالح
لدي صديق لا أعرف هل يعتبر صديقا صالحا، أو صديق سوء، وسأبين لكم صفاته لتحكموا. إمام مسجد، حافظ للقرآن، نادرا ما أسمع منه كلاما بذيئا، يُذكر بالله أحيانا، لا يحلق لحيته. لديه اهتمام بدينه، من أسرة تقية (أبوه شيخ الحلقة المشهورة عندنا) لكن في نفس الوقت أحس منه تساهلا في بعض الأشياء مثل: مرة شبهني بعبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في ضعف بنيتي. فلما أنكرت ذلك عليه، قال لي إنه لا يقصد شيئا، وبرأ نفسه. ومرة كنا نتكلم في هيئة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وقلنا إنهم ليسوا بسيطين، وإن لديهم فنون الدفاع عن النفس، فقال أما من في منطقتنا ( الصلاة .. الصلاة) ويقصد بذلك الاستهزاء، أي إنهم ليس لديهم إلا هذا الكلام. فلما أنكرت عليه، قام يبرئ نفسه، ويبرئ من معه، ولكنه في النهاية قبل نصيحتي. الشيء الآخر أنه كان يتكلم عن شخص سمعه يدعو الله، فيقلده تقليدا أشعر أنه استهزاء، ولكن كالعادة قام يبرئ نفسه من ذلك، ولكن بعدها قبل نصيحتي في هذا أيضا. ويقول لي: لماذا لا أعطي واجباتي لزملائي إذا طلبوها، وإنه ليس غشا، ولكنني أعلم أن ذلك غش. ولديه رفيقا سوء. وقرر أن يصمم صورة يستهزئ بها من المعلم رغم أنه لم يفعل له شيئا. باختصار لديه تدين، ولكنه ممزوج بعدم المبالاة، والتبرير الذي لا أفهمه لأغلاطه. فماذا أعتبره، علما أني تقريبا لا أجد من زملائي في الفصل صديقا صالحا إذا كان هو غير صالح. فمع من أذهب؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الصحبة الصالحة مطلوبة شرعا، ومرغوبة طبعا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه الإمام أحمد وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كمثل صاحب المسك، وكير الحداد. لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه. وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة. رواه البخاري.
فالصاحب الصالح الناصح مكسب عظيم، ولا يمكن أن يوصف بذلك إلا من تمسك بالدين، وتحلى بالأخلاق الفاضلة.
وزميلك الذي وصفت حاله، له صفات حسنة ككونه إمام مسجد، وحافظا للقرآن، ومهتما بأمور دينه، وإن وجدت منه سقطات فمن ذا الذي يسلم منها، والعبرة بمجمل الصفات والأخلاق، والكمال عزيز ، وصدق من قال:
من ذا الذي ما ساء قط === ومن له الحسنى فقط .
فينبغي أن تكون صحبتكما قائمة على النصح والتذكير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدِّينُ النَّصِيحَةُ. رواه مسلم.
فإذا كنتما كذلك، فاحرص على صحبته، خصوصا مع عدم وجود أفضل منه.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 30069، 23215.
والله أعلم.