عنوان الفتوى : حكم تناول طعام معبأ بحافظات مصنعة من حمض الأستياريك الدهني
أعمل، وأعيش حاليا في الصين، وهي كما تعلمون بلاد كافرة، وأحاول أن أتحرى الحلال في مأكلي، ومشربي. ولكن هناك بعض الأشياء تنغص علي. مثلا: قرأت مؤخرا على النت أن أغلب منتجي المواد البلاستيكية، يستعملون مادة تسمى -حمض الشمع أو stearic acid -وهو حمض دهني، يصنع بمعاملة الدهون مع الماء، ودرجة حرارة، وضغط مرتفعين -وهو يضاف لتقليل الاحتكاك الداخلي في أجزاء الأكياس، والمنتجات البلاستيكية الأخرى، وأيضا لتسهيل عملية الصب والتشكيل، وعدم الالتصاق بآلات التصنيع. كما يدخل الحمض أو أحد أملاحه في تصنيع الصابون، والشامبو، ومساحيق الغسيل بصورة أساسية. كما قد تضاف تلك المادة أيضا إلى نعل الأحذية وغيرها من المنتجات المطاطية كالإطارات، وغيرها. وسؤالي: بهذه الطريقة لا يكاد يخلو طعام من ملامسة تلك المادة، فزيت الطعام مثلاً في زجاجة بلاستيكية، وكذلك الماء، والخل وغيرها من المائعات. فهل تنجس؟ وأغلب مواد السوبر ماركت، والألبان تغلف وتعبأ في بلاستيك، بل وغسالة الملابس بداخلها جزء بلاستيكي، وهو طبعا يلامس الملابس وهي رطبة قبل إخراجها من الغسالة، وقبل جفافها تماما. فهل تتنجس؟ بل الملابس نفسها في الأزرار، والسوستات، وتقريبا كل شيء حولنا فيه جزء بلاستيك، أو مطاط حتى أزرار الكمبيوتر، والمحمول وغيرها. ونصلي بها جميعا. وحتى في بلادنا الإسلامية فإن غالبية تلك المنتجات كالكومبيوتر، والمحمول، والغسالات بل والملابس مستوردة من تلك البلاد. فما الحل؟ مع العلم أن تلك العبوات، والمواد البلاستيكية حتى مع إصابتها بالماء، فإن الغالب على الظن أنها لا تؤثر، ولا تترك أثرا ماديا على ما تلامسه، ولا على ما يحفظ فيها، ولا ينتقل أي جزء منها إليه. ملاحظة: إن رأيتم يرحمكم الله أن تجيبوني بسرعة قدر إمكانكم دون كثرة إحالات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الموسوعة العربية العالمية، وصفهم لحمض الأستياريك بأنه: حمض دُهني، عضوي، قيِّم. عديم اللون. ويتوفر في دهن كثير من الحيوانات، والنباتات. ويسمى أيضًا الحمض الأستياري. يتم تحضير الحمض الدهني تجاريًا بمعالجة الشحوم الحيوانية بالماء في درجة حرارة عالية، وضغط عال. ويمكن استخلاصه أيضًا بمعالجة الزيوت النباتية، بما في ذلك زيت حبة القطن، بالهيدروجين. يستعمل الحمض الدهني في تليين المطاط، وصناعة الشمع، وأدوات الزينة، والصابون. الحمض الدهني مادة جامدة، ناعمة الملمَس، تذوب عند درجة حرارة 70°م وهو حمض دهني مشبَّع، ويوجد في الكثير من الدهون المشبَّعة، وصيغته الكيميائية هي: CH3(CH2)16COOH. انتهى.
فمما ذكر يعلم أن هذا الحمض الدهني يتم الحصول عليه بإحدى طريقتين:
الأولى: استخلاصه بمعالجة الزيوت النباتية، وهذه لا إشكال في جوازها.
والثانية: استخلاصه بمعالجة الشحوم الحيوانية، وقد تكون هذه الشحوم طاهرة، وقد تكون نجسة، ولكن معالجتها بالماء في درجة حرارة عالية، وضغط عال، كاف في استحالة النجاسة بهذه الحرارة العالية، والضغط العالي.
الاستحالة (وهي تحول عين إلى عين أخرى مخالفة لها في الحقيقة) فتستحيل الشحوم والأدهان إلى شيء آخر غيرهما، فلا تأخذ هذه المادة اسم الشحوم والأدهان، ولا تكتسب صفتهما، والراجح أن الاستحالة تطهر النجاسات، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: ومن الممتنع بقاء الخبيث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم، والوصف دائر معه وجوداً وعدماً، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة، والدم، ولحم الخنزير، والخمر لا يتناول الزروع، والثمار، والرماد والملح، والتراب، والخل لا لفظاً ولا معنى، ولا نصاً، ولا قياساً. انتهى.
وإذا شككنا في شيء أهو طاهر أم نجس؟ فالأصل الطهارة، ونظرا لعموم البلوى بمثل تلك المنتجات البلاستيكية، والمنظفات، فالقول بجواز استعمالها هو المتجه؛ لما فيه من رفع الحرج على الناس.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 29334، 120466، 241777.
والله أعلم.