عنوان الفتوى : قصة إدريس عليه السلام
أريد أن تذكروا لنا قصة إدريس عليه السلام؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إدريس ـ عليه السلام ـ كان نبيا من أنبياء الله، وصفه الله تعالى بالنبوة والصديقية في محكم كتابه، فقال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا {مريم: 56ـ57}.
وقد تكلمنا عن رفعه إلى السماء الرابعة في الفتوى رقم: 160425.
وعامة الأخبار عنه من أخبار بني إسرائيل يستأنس بها، ولا يُقطع بثبوتها، كما بينا في الفتوى رقم: 143441.
ونسوق لك بعض ما ذكروه، قال الطبري ـ رحمه الله ـ في تاريخه: عن ابن عباس، قَالَ: وَلَدَ أَنُوشُ قِينَانَ، وَنَفَرًا كَثِيرًا، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، فَوَلَدَ قِينَانُ مَهْلائِيلَ وَنَفَرًا مَعَهُ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، فَوَلَدَ مَهْلائِيلُ يردَ ـ وَهُوَ الْياردَ ـ وَنَفَرًا مَعَهُ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَوَلَدَ يردُ أَخنوخَ ـ وَهُوَ إدريس النبي ـ وأنوش هو ولد شيث بن آدم عليه السلام ـ ثم قال نقلاً عن بعض أهل التوراة: ولد ليرد أخنوخ ـ وهو إدريس ـ فنبأه الله عز وجل، وقد مضى من عمر آدم ستمائة سنة واثنتان وعشرون سنة، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة وهو أول من خط بعد آدم وجاهد في سبيل الله، وقطع الثياب وخاطها وأول من سبى من ولد قابيل، فاسترق منهم، وكان وصي والده يرد فيما كان آباؤه أوصوا به إليه، وفيما أوصى به بعضهم بعضا، وذلك كله من فعله في حياة آدم قال: وتوفي آدم بعد أن مضى من عمر أخنوخ ثلاثمائة سنة وثماني سنين، تتمة تسعمائة وثلاثين سنة التي ذكرنا أنها عمر آدم، قال: ودعا أخنوخ قومه ووعظهم، وأمرهم بطاعة الله عز وجل ومعصية الشيطان، وألا يلابسوا ولد قابيل، فلم يقبلوا منه، وكانت العصابة بعد العصابة من ولد شيث تنزل إلى ولد قاييل، قال: وفي التوراة: إن الله تبارك وتعالى رفع إدريس بعد ثلاثمائة سنة وخمس وستين سنة مضت من عمره، وبعد خمسمائة سنة وسبع وعشرين سنة مضت من عمر أبيه، فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثلاثين سنه تمام تسعمائة واثنتين وستين سنة، وكان عمر يارد تسعمائة واثنتين وستين سنة، وولد أخنوخ وقد مضت من عمر يارد مائة واثنتان وستون سنة. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي زَمَانِ يَرْدَ عُمِلَتِ الأَصْنَامُ، وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ عَنِ الإِسْلامِ، وَعن أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرْبَعَةٌ ـ يَعْنِي مِنَ الرُّسُلِ ـ سريانيون: آدم، وشيث، ونوح، وأخنوخ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَخْنُوخَ ثَلاثِينَ صَحِيفَةً. رواه ابن حبان في صحيحه، وضعفه السيوطي، وقال حسين أسد: إسناده ضعيف جداً.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِدْرِيسَ إِلَى جَمِيعِ أَهْلِ الأَرْضِ فِي زَمَانِهِ، وَجَمَعَ لَهُ عِلْمَ الْمَاضِينَ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ زَادَهُ مَعَ ذَلِكَ ثَلاثِينَ صَحِيفَةً، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى ـ وَقَالَ: يَعْنِي بِالصُّحُفِ الأُولَى: الصُّحُفَ الَّتِي أُنْزِلَتْ على ابن آدم هبة الله وإدريس. وأما غيره من أهل التوراة فإنه قال فيما ذكر عن التوراة: ولد لأخنوخ بعد ستمائة سنة وسبع وثمانين سنة خلت من عمر آدم متوشلخ، فاستخلفه أخنوخ على أمر الله، وأوصاه وأهل بيته قبل أن يرفع، وأعلمهم أن الله عز وجل سيعذب ولد قايين ومن خالطهم ومال إليهم، ونهاهم عن مخالطتهم، وذكر أنه كان أول من ركب الخيل، لأنه اقتفى رسم أبيه في الجهاد، وسلك في أيامه في العمل بطاعة الله طريق آبائه وكان عمر أخنوخ إلى أن رفع ثلاثمائة سنة وخمسا وستين سنة وولد له متوشلخ بعد ما مضى من عمره خمس وستون سنة. انتهى بتصرف.
وعامة هذه التفاصيل ليس فيها ما يُجزم بصدقه، أو كذبه، فيجوز نقله للاعتبار، لا للاستدلال، وراجع الفتوى رقم: 134649.
والله أعلم.