عنوان الفتوى : موقف المسلم من الإسرائيليات
ماحكم الإسرائليات في الدين؟ والقصص المذكورة في البخاري عن الإسرائيليات؟ الرجاء الشرح المبسط جدا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ أولا ـ أن المراد بالإسرائيليات أخبار أهل الكتاب التي يرويها مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وأضرابهم فهذه قد بين المحققون من العلماء أنها على ثلاثة أقسام:
فقسم يجزم بصدقه: وهو الموافق لما ثبت به الشرع.
وقسم يجزم بكذبه: وهو المخالف لنصوص الشرع.
وقسم لا يصدق ولا يكذب، وإن جازت روايته للاتعاظ، أو نحوه مع كونه ليس حجة في الدين بلا ريب، لكونه مما لا يصدق ولا يكذب، قال ابن كثير ـ رحمه الله: وقد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ـ ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام: فمنها: ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله، أو سنة رسوله.
ومنها: ما علمنا كذبه، بما دل على خلافه من الكتاب والسنة ـ أيضا.
ومنها: ما هو مسكوت عنه، فهو المأذون في روايته، بقوله، عليه السلام: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وهو الذي لا يصدق ولا يكذب، لقوله: فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم. انتهى.
وأما ما حدثنا به النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار أهل الكتاب فليس من هذا الباب بسبيل، بل هو من الوحي الذي يجب الجزم بصدقه إذا صحت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما لو كان في الصحيحين، أو أحدهما فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: ومعلوم أن هذه الإسرائيليات ليس لها إسناد، ولا يقوم بها حجة في شيء من الدين، إلا إذا كانت منقولة لنا نقلًا صحيحًا، مثل ما ثبت عن نبينا أنه حدثنا به عن بني إسرائيل. انتهى.
وبه يتبين لك أن ما في البخاري وغيره مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أخبار بني إسرائيل هو مما يجب التصديق به، وإنما قصه النبي صلى الله عليه وسلم علينا، لما فيه من الفوائد العظيمة، كما قص الله تعالى علينا في كتابه أنباء الأمم السابقة لنعتبر ونتعظ، كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.{يوسف: 111}.
والله أعلم.