عنوان الفتوى : مآل أعمال الكفار الخيرة وتشبههم بالموحدين
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. فهل هذا يتضمن من تشبه بالمسلمين؟ هناك الكثير ممن يتشبه بالمسلمين، وأفعالهم، وهو ليس مسلما. فهل هذا يعتبر مسلما لأنه تشبه بهم: من تشبه بقوم فهو منهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يعتبر المتشبه بالمسلمين مسلما موحدا، حتى يشهد شهادة التوحيد، ولا يقبل شيء من أعماله، ولا يؤجر عليها حتى يوحد؛ فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85].
وقال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام [آل عمران:19].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار.
وأما أعمالهم من الخير في الدنيا، وتشبههم بالموحدين، فلا قيمة لها؛ لأنها فعلت على غير أساس الإيمان؛ قال الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23]. وفي صحيح مسلم وغيره عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله؛ ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين. فهل ذاك نافعه: قال: لا ينفعه؛ إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.
لكن إذا أسلم الكافر ومات على الإسلام، فإنه ينتفع بتلك الأعمال، ويثاب عليها، كما ثبت في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية. هل لي فيها من شيء؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما أسلفت من خير .
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وذهب ابن بطال وغيره من المحققين إلى أن الحديث على ظاهره، وأنه إذا أسلم الكافر، ومات على الإسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر . اهـ.
والله أعلم.