عنوان الفتوى : إعطاء الزكاة لمن غرم في معصية يجوز بوجه دون وجه
هل يجوز إعطاء زكاة المال لشخص له ديون ربوية؟ وهل يجوز إعطاؤها لشخص يغلب على ظننا أنه سوف يصرفها في الحرام؛ لأن أغلبية الأطعمة في فرنسا تحتوي على دهون الخنزير، أو الكحول، وإذا أعطيتها لشخص محتاج يغلب على ظني أنه سيشتري طعاما فيه شيء من هذا؟ بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا تدفع الزكاة للغارم في دين ربوي؛ لأنه غارم في معصية لله تعالى, والغارم في معصية لا تدفع له الزكاة إلا إذا تاب إلى الله تعالى.
قال ابن قدامة في الكافي: وإن غرم في معصية، لم يدفع إليه قبل التوبة؛ لأنه لا يؤمن أن يستعين بها في المعصية، وفي إعطائه بعد التوبة وجهان:
1) أحدهما: يعطى؛ لأنه يأخذ لتفريغ ذمته، لا لمعصية فجاز، كإعطائه لفقره.
2) والثاني: لا يعطى؛ لأنه لا يؤمن عوده إلى المعصية. اهــ.
وأصح الوجهين أنه تدفع إليه إذا تاب إلى الله تعالى، كما قال ابن مفلح: وَمَنْ غَرِمَ في مَعْصِيَةٍ لم يُدْفَعْ إلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِنْ تَابَ، دُفِعَ إلَيْهِ في الْأَصَحِّ. اهـ.
وقال ابن عثيمين: لا يعطى إلا إذا تاب، وعلمنا توبته، وأنه صادق. اهــ.
وكذا لا يجوز دفع الزكاة لمن يغلب على الظن أنه سيستعملها في أمر محرم؛ لأن هذا من إعانته على المعصية، وقد قال تعالى: ... وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... { المائدة : 2 }. وقد نص الفقهاء على أن الصدقة ولو تطوعا لا تدفع لمن يستعين بها على المعصية.
جاء في حاشية الرملي على أسنى المطالب من كتب الشافعية: يَحْرُمُ دَفْعُهَا إلَى الْفَاسِقِ الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ ... اهــ.
ولكن قولك إن أغلبية الأطعمة تحتوي على دهون الخنزير، أو الخنزير. هذا غير صحيح، ومبالغ فيه. وقد سألنا من يسكن في فرنسا، وقالوا ليس الأمر كذلك، وإنما يكثر ذلك النوع من الأطعمة، وأما كونه الأغلب، فهذا غير صحيح. فإذا وجدت مستحقا للزكاة، فادفعها له، ما لم تعلم أنه سيستعين بها على محرم، ولا يمنعنك من ذلك كون الأطعمة الموجودة تشتمل على ما لا يجوز أكله، ويمكن أن ينصح، ويبين له الحكم الشرعي بحكمة ورفق.
والله أعلم.