عنوان الفتوى : حكم وضع المصحف على فرش بعضها متنجس، أو على مكان فيه لعاب
ما حكم وضع المصحف فوق فرش من مجموعة فرش، ثلاث منها نجسة، ولا نعرفها؟ وما الحكم لو وضعنا حائلًا بينهما، ككتاب آخر، أو لوح من الخشب؟ وما الحكم لو كان الكتاب ليس مصحفًا، وذكر اسم الله فيه مرة، أو مرتين؟ وما الحكم لو كانت الفرش غير نجسة تناثر عليها لعاب بسبب العطاس؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعظيم المصحف، واحترامه، وصيانته واجب عظيم، كما بينا في الفتوى رقم: 184239.
وقد بينا في الفتوى رقم: 46057، وتوابعها أنه لا يجوز وضع المصحف على فراش تحققت نجاسته.
وأما مع اشتباه الفرش: فالواجب التحري، فما لم تتبين نجاسته فحكمه الطهارة.
وعليه، فلا بأس بوضع المصحف عليه إن كان لا بد من ذلك، ولا شك أن وضع حائل بين المصحف، وبين ما اشتبهت نجاسته أقرب إلى تعظيم شعائر الله، فالحائل يلغي حكم النجاسة، جاء في حاشية الشبراملسي الشافعي على المنهاج: مَسْأَلَةٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَلَى خِزَانَتَيْنِ مِنْ خَشَبٍ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى كَمَا فِي خَزَائِنِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وُضِعَ الْمُصْحَفُ فِي السُّفْلَى، فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُ النِّعَالِ وَنَحْوِهَا فِي الْعُلْيَا؟ فَأَجَابَ م ر بِالْجَوَازِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ إخْلَالًا بِحُرْمَةِ الْمُصْحَفِ، قَالَ: بَلْ يَجُوزُ فِي الْخِزَانَةِ الْوَاحِدَةِ أَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي رَفِّهَا الْأَسْفَلِ، وَنَحْوُ النِّعَالِ فِي رَفٍّ آخَرُ فَوْقَهُ، اهـ سم عَلَى حَجّ، قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ مَا لَوْ وُضِعَ النَّعْلُ فِي الْخِزَانَةِ وَفَوْقَهُ حَائِلٌ كَفَرْوَةٍ ثُمَّ وَضَعَ الْمُصْحَفَ فَوْقَ الْحَائِلِ، كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى ثَوْبٍ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجَاسَةٍ، أَمَّا لَوْ وَضَعَ الْمُصْحَفَ عَلَى خَشَبِ الْخِزَانَةِ، ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهِ حَائِلًا، ثُمَّ وَضَعَ النَّعْلَ فَوْقَهُ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، وَلَا يَبْعُدُ الْحُرْمَةُ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ إهَانَةً لِلْمُصْحَفِ. انتهى.
ولا شك أن غير المصحف مما فيه ذكر الله يجب احترامه، وترك امتهانه، كما بينا في الفتوى رقم: 73022.
فلا يجوز وضعه على موضع نجس إلا بحائل.
وأما اللعاب: فطاهر، ومع ذلك فلا ينبغي وضع المصحف على الموضع الذي فيه اللعاب إكرامًا للمصحف، فقد بينا في الفتوى رقم: 215881، تحريم مس المصحف بما يقذره، ولو طاهرًا، كالبصاق، والمخاط، والعرق.
فمع عدم الحاجة لا يجوز الإقدام على وضع المصحف كذلك، وقد أجاز الشافعية محو بعض الكلمات باللعاب، وخالفهم المالكية فحرموه ـ مع الحاجة ـ فكيف إذا لم تكن حاجة، كأن كان وضعه على شيء طاهر غير مستقذر سهل ميسور، حتى لو وُضِع على الثوب، فيوضع على موضع بعيد عن اللعاب، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 201172.
والله أعلم.