عنوان الفتوى : التنازل عن الحضانة، وأحكام حضانة الفاسقة
اعترفت زوجتي لي بعد مواجهتها بأنها كانت تواعد رجلا أجنبيا في المطاعم..... ثم تطور الأمر وأصبحت تذهب إلى بيته مرات متكررة، فذهبت بها إلى أبيها ليتم الطلاق، ولم أخبر أهلها بطبيعة الموضوع، فما حكم حضانة الأطفال إذا قدمت اعترافها المسجل صوتيا للمحكمة؟ وهل يجوز لي أن أطلب منها توقيع ورقة تنازل عن حضانة الأولاد لكي أطلقها ولا أخبر أهلها بحقيقة أمرها وخيانتها، مع العلم أن لي منها 3 أولاد 10 سنوات، و7 سنوات، و1.5؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الطلاق تكون الحضانة حقا مشتركا بين الزوجين، وبعد الطلاق يخير الولدان الكبيران بين الأم والأب، فأيهما اختاره الصبي كان أحق بحضانته، أما الأنثى فعند أبيها على المختار، وهو قول الحنابلة، قال مرعي في الدليل: وإذا بلغ الصبي سبع سنين عاقلا خير بين أبويه.. وإذا بلغت الأنثى سبعا كانت عند أبيها وجوبا إلى أن تتزوج.
وإذا كان أحدهما لا يصلح للحضانة تعين لها الآخر، وللمزيد تنظر الفتوى رقم: 67944.
وأما ابن السنة والنصف: فالأصل أن أمه أحق بحضانته باتفاق، قاله الموفق في المغني، لكنها إذا تنازلت عن الحضانة أو قام بها مانع من موانع الحضانة كالفسق، أو كأن تزوجت برجل أجنبي عن المحضون انتقلت الحضانة لمن بعدها، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على أنه لا حضانة لفاسق، لأن الفاسق لا يلي ولا يؤتمن، ولأن المحضون لا حظ له في حضانته، لأنه ينشأ على طريقته.
وإذا قدمت الاعتراف المسجل بخيانتها إلى المحكمة، فهذا قد يفيد إذا صح لدى القاضي أن ذلك بينة وحكم بفسق المرأة بموجب تحققه من صحة التسجيل ووقائع ما جرى بين الزوجة والرجل الأجنبي، قال ابن عابدين: الحاصل أن الحاضنة إن كانت فاسقة فسقا يلزم منه ضياع الولد عندها سقط حقها، وإلا فهي أحق به إلى أن يعقل الولد فجور أمه فينزع منها.
فإذا قضى الحاكم الشرعي بسقوط الحضانة عن الزوجة انتقلت الحضانة لأمها، ثم لأمهاتها القربى فالقربى، ثم للأب بعدهن حسب الأولوية في الحضانة على اختلاف بين الفقهاء في ذلك، وتفصيل بيناه في الفتوى رقم: 6256.
فإذا تابت عن فسقها عادت الحضانة إليها، لأنه إذا زال المانع عاد الممنوع، كما يقول الفقهاء، قال البهوتي في شرح المنتهى ممزوجين: وبمجرد زوال مانع من رق أو فسق أو كفر أو تزوج بأجنبي، ولو بطلاق رجعي ولم تنقض عدتها، يعود الحق، وبمجرد رجوع ممتنع من حضانة يعود الحق له في الحضانة، لقيام سببها مع زوال المانع.
وحيث كانت الأم أحق بالحضانة، فهذا الحق لا يسقط بتنازلها عنه مقابل الطلاق أو مقابل ستر فسقها عن أهلها، لأنه ليس حقا محضا لها، بل هو حق مشترك بين المحضون والحاضن، كما نبه ابن القيم للخلاف في هذا الأصل في الفتوى رقم: 150047.
فيبقى لها حق استرجاعه متى شاءت، قال التغلبي ومرعي في النيل على الدليل ممزوجين: ومتى زالِ المانع أو أسقَطَ الأحقُّ حقَّه منها، ثم عادَ، عاد الحقّ له في الحضانة، لأن سببها قائم، وهو القَرَابة، وإنما امتنعت لمانعٍ، فإذا زال المانع عاد الحق بالسبب السابق اللازم.
وفي الجمل على شرح المنهاج: لو أسقطت الحاضنة حقها انتقلت لمن يليها، فإذا رجعت عاد حقها.
ومثل ذلك عند الحنفية، كما في بدائع الكاشاني، وللمزيد تنظر الفتوى رقم: 80199.
وعلى أية حال، فإن مسائل الحضانة قد اختلف فيها أهل العلم اختلافا كبيرا، كما أشير إلى طرف من ذلك في الفتاوى السابقة، وحكم القاضي يرفع الخلاف، وبما أنك تريد طرح الموضوع على القضاء فنحسب أن ما ذكرناه لك من التفصيل يكفي.
والله أعلم.