عنوان الفتوى : أسباب حصول الرزق
ما حكم قراءة ورد الأسماء: يا قوي، يا غني، يا مليء، يا وفي ـ بعدد معلوم لجلب الرزق الواسع؟. وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة هذا الورد بعدد معلوم لجلب الرزق فيه عدة مآخذ تفيد عدم مشروعيته، ومن ذلك أن المليء والوفي ليسا من الأسماء الثابتة في النصوص، وقد قدمنا الأسماء الثابتة في الوحيين في الفتوى رقم: 12383.
ومنها: أن تخصيص ذكر معين بعدد معين لحاجة معينة يحتاج إلى دليل، فما لم يدل الدليل عليه فلا يفعل، لأنه يعتبر بدعة إضافية، والخير كله في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه صلى الله عليه وسلم يقول: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم...
وينبغي لطالب سعة الرزق أن يستعين بتقوى الله سبحانه وتعالى والعمل الصالح، لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2ـ 3}.
وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبون{الأعراف: 96}.
وأن يعتني بصلة الرحم، لقوله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
وأن يكثر من الصدقة، فقد قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ { سبأ: 39 }.
وقال صلى الله عليه وسلم: ما نقص مالٌ من صدقة. رواه مسلم.
وإذا استطاع الإكثار من الحجِ والعمرة والمتابعة بينهما، فإن ذلك من أسباب الغنى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة. رواه الترمذي وقال: حسن صحيحٌ غريب.
ومن الأدعية المأثورة ما في حديث أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح قال: اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا. حسنه الحافظ في نتائج الأفكار.
وفي الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك. أخرجه مسلم.
ومنها الاستغفار، كما في قوله تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى {هود:3}.
وفي قوله إخباراً عن نوح ـ عليه السلام ـ أنه قال: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10ـ12}.
ومن الدعاء بالأسماء الحسنى ما روى أحمد عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هَم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً، قال: فقيل يا رسول الله: ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
وأخرج أحمد ومسلم من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرض، ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.
والله أعلم.