عنوان الفتوى : من هم بنو الأصفر ؛ الذين نص الحديث بأنهم سيحاربون المسلمين في آخر الزمن ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

الحديث الذي رواه أبو داود ، وأحمد ، وابن ماجه وفيه : ( .... يأتونكم تحت ثمانين غاية (أمة) ، تحت كل غاية (أمة) اثنا عشر ألفاً ) ، وسؤالي هو نتيجة ما سمعته من أحد الخطباء أنّ هذه الأمم هم أمريكا وإسرائيل وحلفائهم ، فما صحة ذلك ؟ وهل هم بنو الأصفر أو الروم؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله.


عن عَوْف بْن مَالِكٍ ، قَالَ : ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ ، فَقَالَ : اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ : مَوْتِي ، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِس ِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَة ً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ) رواه البخاري (3176) .

والقاعدة الأصولية المشهورة أن الألفاظ التي لم يعطها الشرع معنى مخصوصا فإنها تفسر بعرف العرب العام المشتهر أثناء نزول الوحي ، لأن الوحي نزل بلغتهم وخاطبهم بما تعارفوا عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" الواجب أن تعرف اللغة والعادة والعرف الذي نزل في القرآن والسنة ، وما كان الصحابة يفهمون من الرسول عند سماع تلك الألفاظ ؛ فبتلك اللغة والعادة والعرف خاطبهم الله ورسوله . لا بما حدث بعد ذلك " انتهى . " مجموع الفتاوى " (7 / 106) .

ومصطلح " بنو الأصفر " في عرف العرب في عصر النبوة كان يطلق على الروم ، كما في حديث أبي سفيان في قصة دخوله على هرقل ملك الروم ، فبعد ذكره لقصته تلك قال أبو سفيان : ( فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ – يقصد النبي صلى الله عليه وسلم - ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ – أي هرقل ملك الروم - ) رواه البخاري (7) ومسلم (1773) .
كما أن الروم هم المنصوص عليهم في الأحاديث المخبرة عن حروب المسلمين في آخر الزمان.
والروم في عرف العرب عند نزول الوحي هم نصارى أوروبا الذين كان في يدهم حكمها وملكها .
قال ياقوت الحموي رحمه الله تعالى :
" الروم : جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم فيقال بلاد الروم ، واختلفوا في أصل نسبهم ... وعندي أنّهم إنّما سمّوا بني الأصفر لشقرتهم ، لأن الشقرة إذا أفرطت صارت صفرة صافية ... وأمّا حدود الروم فمشارقهم وشمالهم الترك والخزر ورسّ ، وهم الروس ، وجنوبهم الشام والإسكندرية ، ومغاربهم البحر والأندلس " انتهى . " معجم البلدان " (3 / 97 – 98) .
والروم وإن كانوا في أصلهم جنسا معينا إلا أنه غلب إطلاق هذا الاسم عليهم وعلى من خالطهم واتبعهم من غيرهم من نصارى أوربا .
قال الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى :
" والروم : اسم غلب في كلام العرب على أمة مختلطة من اليونان والصقالبة ومن الرومانيين الذين أصلهم من اللاطينيين سكان بلاد إيطاليا نزحوا إلى أطراف شرق أوروبا.
تقومت هذه الأمة المسماة الروم على هذا المزيج فجاءت منها مملكة تحتل قطعة من أوروبا وقطعة من آسيا الصغرى وهي بلاد الأناضول . وقد أطلق العرب على مجموع هذه الأمة اسم الروم تفرقة بينهم وبين الرومان اللاطينيين ... وكانت بيزنطة من جملة مملكة إسكندر المقدوني. وبعد موته واقتسام قواده المملكة من بعده صارت بيزنطة دولة مستقلة وانضوت تحت سلطة رومة فحكمها قياصرة الرومان إلى أن صار قسطنطين قيصرا لرومة وانفرد بالسلطة في حدود سنة 322 مسيحية ، وجمع شتات المملكة فجعل للمملكة عاصمتين عاصمة غربية هي رومة وعاصمة شرقية اختطها مدينة عظيمة على بقايا مدينة بيزنطة وسماها قسطنطينية ... " انتهى من " التحرير والتنوير " (21 / 42 - 43) .
فالحاصل ؛ أن هؤلاء القوم من نصارى أوروبا هم المقصودون بالحديث .

أما تحديدهم بدول وكيانات سياسية معينة فهذا لا يمكن الجزم فيه بشيء معين ؛ لأن من طبع الأنظمة والدول أنها تتغير وتتبدل مع مرور الزمن وتقلب الأحوال ، ونحن لا علم لنا بوقت وقوع الحادثة حتى نقطع بأسماء الدول التي ستكون موجودة حينها .
ولا ندري إذا ما وقعت تلك الحادثة هل ستكون هذه الدولة لا تزال موجودة، أم إنها ستكون قد زالت وحلت محلها دول أخرى.
وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء (36) .
قال الشيخ صديق حسن خان رحمه الله تعالى :
" ليست ملحمة ولا فتنة صغرى أو كبرى من الملاحم والفتن التي تكون إلى يوم القيامة ، وقيام الساعة في مطلع الشمس ومغربها وسائر أقطار الأرض ، إلا وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بها في أحاديثه الشريفة ، كما في حديث حذيفة بن اليمان المروي في السنن .
وقد وقعت منها ملاحم وفتن كثيرة وسيقع ما بقي منها .
ولكن العلم بمواقيتها مما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه ولا يتيسر لبشر أن يعلم بوقتها إلا بعد وقوعها وحصول التطبيق بالأحاديث الواردة فيها " انتهى . " أبجد العلوم " (2 / 518) .

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...