عنوان الفتوى : تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَلاَ تَنَافَسُوا ) ، وأحكام المنافسة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلاَ تَحَسَّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ تَنَافَسُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) . قرأت في عدة فتاوى أن التنافس في الأمور الدنيوية حلال ؟ فكيف ذلك والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " ولا تنافسوا " ، مع ذكر الأدلة إن أمكن ؟
الحمد لله
روى مسلم (2563) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ
الْحَدِيثِ ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا
تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ
إِخْوَانًا) .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن يكونوا إخوة متحابين ، ونهاهم عما يفسد
عليهم هذه المحبة : من سوء الظن ، والتجسس ، والتنافس على الدنيا ، والتحاسد ،
والتباغض والتدابر .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" قوله : ( ولا تَنَافَسُوا ) الْمُرَادُ بِهِ التَّنَافُسُ فِي الدُّنْيَا،
وَمَعْنَاهُ طَلَبُ الظُّهُورِ فِيهَا عَلَى أَصْحَابِهَا ، وَالتَّكَبُّرُ
عَلَيْهِمْ ، وَمُنَافَسَتُهُمْ فِي رِيَاسَتِهِمْ ، وَالْبَغْيُ عَلَيْهِمْ ،
وَحَسَدُهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْهَا .
وَأَمَّا التَّنَافُسُ وَالْحَسَدُ عَلَى الْخَيْرِ ، وَطُرُقِ الْبِرِّ : فَلَيْسَ
مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ " .
انتهى من التمهيد (18/ 22) .
فإذا أدت المنافسة إلى محرم ، أو شغلت عن واجب : فهي حرام منهي عنها.
روى البخاري (3158) ، ومسلم (2961) عن عَمْرَو بْن عَوْفٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله
عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( وَاللَّهِ لاَ
الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ
عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ،
فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" التَّنَافُسُ مِنَ الْمُنَافَسَةِ ، وَهِيَ الرَّغْبَةُ فِي الشَّيْءِ
وَمَحَبَّةُ الِانْفِرَادِ بِهِ وَالْمُغَالَبَةُ عَلَيْهِ ، وَأَصْلُهَا مِنَ
الشَّيْءِ النَّفِيسِ فِي نَوْعِهِ .
قَوْلُهُ (فَتُهْلِككُمْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ مَرْغُوبٌ فِيهِ ، فَتَرْتَاحُ
النَّفْسُ لِطَلَبِهِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ ، فَتَقَعُ الْعَدَاوَةُ الْمُقْتَضِيَة
للمقاتلة ، المفضية إِلَى الْهَلَاك ، قَالَ ابن بَطَّالٍ: فِيهِ أَنَّ زَهْرَةَ
الدُّنْيَا يَنْبَغِي لِمَنْ فُتِحَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ سُوءِ
عَاقِبَتِهَا ، وَشَرِّ فِتْنَتِهَا، فَلَا يَطْمَئِنُّ إِلَى زُخْرُفِهَا وَلَا
يُنَافِسُ غَيْرَهُ فِيهَا " انتهى من " فتح الباري " (11/ 245) .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |