أرشيف المقالات

[256] سورة الفرقان (1) - تدبر - محمد علي يوسف

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
ومن كمال التوبة أن يعزم المرء على التغير بعدها ويتقرَّب إلى مولاه بنيةٍ صالحة، وهِمَّةُ عالية، وعزمٌ جديد فيُقرِّر أن يتبع تلك التوبة بالعمل..

وليس أي عمل..!

بل بمعالي الأمور وعظائم الطاعات..

ولقد بيَّن ربنا ذلك في سورة الفرقان أن عباد الرحمن التائبين عن كبائر الذنوب والذين تُبدَّل سيئاتهم حسنات إنما يتبعون توبتهم بعملٍ صالح، وهو من المواضع النادرة في القرآن الذي خص فيه اتباع فعل العمل بمصدره كمفعول مطلق" {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا}[1] بينما في جُلِّ مواضع ذكر العمل يأتي وصفه بالصلاح بعده مباشرة دون تكرار جذر الكلمة بذكر المصدر..

ولعل في ذلك إشارة لعظمة ورقي هذا العمل الذي جاء تابِعًا للتوبة عن عظائم الذنوب والآثام..

وإن لنا في نبي الله موسى عليه السلام أسوة طيبة إذ قال بعد استغفاره وتَضرُّعه بالتوبة من قتل المصري: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ} [القصص:17] فأتبع استغفاره وتوبته وعدًا طيبًا وقطع على نفسه عهدًا راقيًا..

وما أحسن عزم وحشي رضي الله عنه عند إسلامه وندمه على قتل سيدنا حمزة حيث أصرّ على تعويض فعلته بقتل مسيلمة الكذاب وقال: "قتلتُ خير الناس وقتلتُ شرّ الناس"..

فاجعل لنفسك أيها التائب عزمًا تنتوي به تعويض ما فاتك ومحو سيئاتك وإثبات حُسن توبتك ومآبك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- [الفرقان من الآية:70].
 

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢